القرار رقم 3034 لسنة 2019 الصادر عن هيئة القاضي محمد متروك العجارمة - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

 

محكمة التمييز الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها : الحقوقية وزارة العــدل
رقم القضية : 3034/2019 القــرار

الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم

 

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد محمد متروك العجارمة .

وعضوية القضاة السادة

" محمد طلال " الحمصي ، د. مصطفى العساف ، د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل
د. فؤاد الدرادكة ، داود طبيلة ، فايز بني هاني ، عدنان الشياب .

 

 

المميزة : شركة سيجما مهندسون مستشارون ذ.م.م .

وكلاؤها المحامون ياسر ضيف الله مساعدة وسحر ضيف الله مساعدة ويزن ضيف الله مساعدة .

 

المميز ضده : خليل جلال خليل نصراوين .

وكيلاه المحاميان فؤاد حداد وسليمان الفانك .

 

بتاريخ 10/2/2019 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة بداية حقوق عمان بصفتها الاستئنافية في الدعوى رقم (381/2019 ) تاريخ 31/1/2019 القاضي بعدم اتباع النقض بموجب قرار محكمة التمييز رقم ( 6586/2018 ) تاريخ 22/11/2018 برد الاستئناف موضوعاً وتصديق الحكم المستأنف
( الصادر عن محكمة صلح حقوق عمان في الدعوى رقم ( 11880/2017 ) تاريخ 31/1/2018 المتضمن إلزام المدعى عليها شركة سيجما مهندسون ومستشارون بدفع مبلغ ( 15600 ) دينار للمدعي خليل جلال خليل نصراوين وتضمين المدعى عليها المصاريف ومبلغ ( 780 ) ديناراً أتعاب محاماة والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ) وتضمين المستأنفة مبلغ (390) ديناراً بدل أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من التقاضي وإعادة الأوراق إلى مصدرها حسب الأصول .

 

وتتلخص أسباب التمييز بما يلي:

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم اتباعها للنقض وفق قرار محكمة التمييز رقـــــــــــــم ( 6586/2018 ) تاريخ 22/11/2018 .

  2. أخطأت محكمة الاستئناف من حيث اعتبارها أن استخــــــــــدام صاحب العمل لأحكام المادة (23) من قانون العمل وإنهاء عقد العمل غير محدد المدة لأسباب تتعلق بوضعه الاقتصادي والمالي مخالف للقانون.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف من حيث عدم مراعاة أن حالات إنهاء العقد غير محدد المدة لصاحب العمل متنوعة ولا تنحصر بالحالات المحددة في المادة (28) من قانون العمل .

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف ومن قبلها الدرجة الأولى بالحكم ببدل الإشعار في حين أنه ثبت أن إنهاء الخدمة تم بموجب إشعار وتم تسديده لصالح العامل ضمن أجوره .

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف من حيث عدم إجازة سماع البينة الشخصية
    للمدعى عليها على الرغم من إنتاجيتها في الدعوى.

 

لـــــــــــهذه الأسباب طلب وكيل المميزة قبول التمييز شكلاً وفي الموضوع نقض القرار المميز .

بتاريــــــــــخ 19/2/2019 قدم وكيل المميز ضده لائحة جوابية طلب في نهايتها قبولها شكلاً ورد التمييز .

الـــــــقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

بعد التدقيق والمداولة نجد أن المدعي خليل جلال خليل نصراوين أقام بتاريخ 3/8/2017 الدعوى الصلحية الحقوقية رقم (11880/2017) لدى محكمة صلح عمان ضد المدعى عليها شركة سيجما مهندسون مستشارون لمطالبتها بحقوق عمالية بمبلغ (15600) دينار للأسباب والوقائع التالية :

  1. عمل المدعي لدى المدعى عليها بوظيفة مهندس ميكانيك وذلك اعتباراً من 20/5/1999 .

  2. بتاريخ 29/6/2017 وبموجب كتابها رقم (1278) قامت المدعى عليها بتوجيه إشعار للمدعي بإنهاء خدماته اعتباراً من مرور شهر من تاريخ الإنذار .

  3. كان المدعي يتقاضى راتباً شهرياً مقداره (1500) دينار .

  4. إن فصل المدعي من العمل كان فصلاً تعسفياً ومخالفاً لأحكام المادة (28) من قانون العمل.

  5. لم تقم المدعى عليها بإعطاء المدعي أجر شهر الإنذار والبالغ مقداره (1500) دينار .

  6. كما لم تقم المدعى عليها بمنح المدعي كامل إجازاته السنوية وترصد له (12) يوماً إجازة يستحق عليها مبلغ (600) دينار .

  7. إن المدعي يستحق أجر نصف شهر عن مدة عمله وذلك تعويضاً له عن الفصل التعسفي والبالغ مقداره (13500) دينار عملاً بأحكام المادة (25) من قانون العمل .

  8. رغم المطالبات المتكررة لم تقم المدعى عليها بدفع المبلغ المدعى به للمدعي وأقام هذه الدعوى للمطالبة بها مع التضمينات .

وبعد أن باشرت محكمة الصلح إجراءات المحاكمة واستكمالها أصدرت بنتيجة المحاكمة قرارها بتاريخ 31/8/2018 القاضي بـ:

إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (15600) دينار للمدعي بالإضافة للمصاريف والفائدة القانونية ومبلغ (780) ديناراً أتعاب محاماة .

لم ترتضِ المدعى عليها بالقرار فطعنت فيه استئنافاً حيث أصدرت محكمة بداية عمان بصفتها الاستئنافية قرارها رقم (513/2018) تدقيقاً بتاريخ 10/4/2018 القاضي برد الاستئناف وتأييد القرار وتضمين المستأنفة مبلغ (390) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة .

لم ترتضِ المستأنفة (المدعى عليها) بالقرار فطعنت فيه بهذا التمييز بتاريخ 19/7/2018 على العلم حيث لم يرد ما يشير إلى تبلغ المستأنفة قرار الحكم حسب مشروحات قلم بداية حقوق عمان بصفتها الاستئنافية المحفوظ بالملف وتبلغ المميز ضده لائحة التمييز بتاريخ 3/9/2018 وتقدم بجواب بتاريخ 5/9/2018 ضمن المدة .

حيث أصدرت محكمة التمييز قرارها رقم ( 6586/2018) تاريخ 22/11/2018 المتضمن :

(( وعن كافة أسباب التمييز ومفادها جميعها أن إنهاء عمل المدعي (المميز ضده) كان مبرراً ومشروعاً وليس فيه تعسف وأن هذا الإنهاء جاء مطابقاً لأحكام المادة (23/أ) من قانون العمل .

وإن تطبيق المحكمة أحكام المادة (31) من قانون العمل ليس في محله على واقعة هذه الدعوى وإن محكمة الاستئناف قد أخطأت بالتطبيقات القانونية كذلك تخطئة المحكمة بعدم سماع البينة الشخصية .

ورداً على ذلك فإن من خصائص عقد العمل أنه من العقود الرضائية ومن العقود الزمنية أو المستمرة والزمن عنصراً أساسياً في عقد العمل .

وقد تناول المشرع في القواعد العامة لعقد العمل في المادتين (806 و 807) من القانون المدني عنصر الزمن حيث نصت المادة :

(806/1) على :( يجوز أن يكون عقد العمل لمدة محددة لعمل معين ).

2. ( لا يجوز أن تتجاوز مدته خمس سنوات فإذا عقد لمدة أطول ردت إلى خمس).

والمادة (807) : (إذا لم تكن محددة في العقد جاز لكل طرف من طرفيه أن يفسخه في أي وقت بشرط أن يعلن الطرف الآخر في المواعيد المحددة في القوانين الخاصة ) .

وإن القوانين الخاصة (قانون العمل) قد نص في المادة (23) على:

  1. إذا رغب أحد الطرفين في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة فيترتب عليه إشعار الطرف الآخر خطياً برغبته في إنهاء العقد قبل شهر واحد على الأقل ولا يجوز سحب الإشعار إلا بموافقة الطرفين .

  2. يبقى عقد العمل ساري المفعول طوال مدة الإشعار وتعتبر مدة الإشعار من مدة الخدمة .

ج. ........ .

د. ......... .

يتضح من هذه النصوص أن المدة عنصر جوهري في العقد فقد يحددها الطرفان بالاتفاق على مدة معينة في العقد .

ولا يُتصور أن يكون انعقاد العقد أبدياً أو مؤبداً وقد طبق المشرع عدم أبدية الالتزام في المادتين (807) مدني و (23) من قانون العمل .

فأعطى طرفي العقد العامل ورب العمل حق إنهاء العقد دون تعويض بشرط أن يخطر كل طرف الطرف الآخر إذ إن من المقرر في نطاق عقود الزمن أن يعطى لكل من المتعاقدين حق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة فيحق للعامل عدم تأبيد وأبدية عقد العمل حتى لا تصبح علاقة العمل نوع من الاسترقاق للعامل كما يحق لصاحب العمل الحفاظ على مصالحة الاقتصادية وتنظيم مؤسسته بالطريقة التي يراها.

ومن ثم يجوز لكل من طرفي العقد إنهاء العقد بشروط معينة وواجبة حكماً على عاتق كل طرف من العامل وصاحب العمل .

وهي الإشعار قبل إنهاء العقد بشهر وأن العلة والحكمة من الإشعار تكمن في أن المشرع أراد أن يتفادى أبدية العلاقة العمالية كما هدف المشرع من الإخطار تفادي عنصر المفاجأة بالنسبة للعامل وصاحب العمل كذلك ويترتب على الإشعار أو الإخطار انقضاء عقد العمل بانتهاء مدته – مدة الإشعار-.

وحيث إن صاحب العمل قد أخطر وأشعر العامل (المدعي) قبل إنهاء العقد بشهر فإن صاحب العمل قد مارس حقاً أجازه القانون له بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة وإن إنهاءه بهذا الشكل ليس فيه تعسف وذلك وفقاً لأحكام المادة (23) من قانون العمل .

أما بخصوص ما ذهبت إليه محكمتا الموضوع بتطبيق المادة (31) من قانون العمل فإن النص القانوني الذي ينطبق على واقعة هذه الدعوى هو أحكام المادة (23) عمل وليس المادة (31) .

وحيث إن محكمة الاستئناف توصلت لخلاف ما توصلنا إليه فإن قرارها يستوجب النقض والإعادة .

أما بخصوص الجواب فإنه بردنا على أسباب التمييز ما يغني عن بحثها .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني )) .

بعد النقض والإعادة أصدرت محكمة بداية حقوق عمان بصفتها الاستئنافية قرارها وجاهياً بتاريخ 31/1/2019 بعدم اتباع النقض والإصرار على قرارها السابق المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتصديق الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة مبلغ ( 390) ديناراً بدل أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من التقاضي .

لم ترتضِ المستأنفة بهذا القرار فطعنت فيه لدى محكمة الاستئناف بتاريخ 10/2/2019 ضمن المهلة القانونية وللأسباب الواردة بلائحة التمييز .

وعن أسباب التمييز كافة التي تنصب في مجملها على تخطئة المحكمة الاستئنافية بإصرارها على قرارها السابق وعدم اتباعها لقرار النقض وبتفسيرها لأحكام المادة ( 23 ) من قانون العمل .

 

وفي ذلك نجد أن المحكمة الاستئنافية وعندما أصرت على قرارها تكون قد مارست حقها المنصوص عليه في المادة ( 202 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي أجازت للمحكمة الاستئنافية إما اتباع قرار النقض أو عدم اتباع قرار النقض والإصرار على قرارها وبذلك تكون قد مارست خيارها القانوني وهذا حق لها .

وحيث إن المحكمة الاستئنافية قررت عدم اتباع النقض فيكون محل الخلاف بين
ما ذهبت إليه بقرارها وقرار محكمة التمييز وبهيئتها العادية هو مدى إعمال أحكام المادة
( 23) على وقائع هذه الدعوى مما اقتضى أن تنظر هذه الدعوى من قبل هيئة عامة لمحكمة التمييز .

وبالرجوع إلى القواعد العامة في نظرية العقد نجد أن الأصل أن تقوم العقود على مبدأ الرضائية ومنها عقد العمل وهو بحكم ماهية العقود الزمنية التي لا يجوز أن يبرم عقد العمل على سبيل التأبيد وهذه نتيجة تطور مفهوم عقد العمل في المجتمعات وهذا ما أخذ به القانون المدني في المادة ( 806/2) التي نصت على أنه : ( لا يجوز أن تتجاوز مدة خمس سنوات فإذا عقدت لمدة أطول ردت إلى خمس ) .

وإعمالاً لهذه الأحكام نجد أن عقد العمل وباعتباره عقداً رضائياً ينتهي إما بانتهاء مدته إذا كان محدد المدة أما إذا كان غير محدد المدة فينتهي بإرادة طرفيه أو بإرادة أحدهما وهذا ما نصت عليه المادة ( 23 ) من قانون العمل وليتسنى لنا تحليل حكم المادة
( 23) المشار إليها لا بد لنا من تتبع التطوير التشريعي لأحكام حق صاحب العمل في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة .

 

وبالرجوع إلى قانون العمل رقم ( 21) لسنة 1960 نجد أن المادة ( 16) نصت على أنه:

( أ . يحق لصاحب العمل إنهاء عقد استخدام أي عامل استخدام لمدة غير محدودة في أي وقت خلال الشهور الثلاثة الأولى من استخدامه التي تعتبر مدة تحت التجربة دون أشعار أو مكافأة .

ب. أما بعد المدة المذكورة وهي مدة التجربة مع مراعاة الحالات المنصوص عليها في المادة 17 فيحق لصاحب العمل إنهاء عقد الاستخدام بسبب إعادة التنظيم في المؤسسة
أو بسبب زيادة عدد العمال أو عدم ملائمتهم للعمل أو أي سبب آخر يراه غير منصوص عليه في المادة ( 17 ) مقابل إشعار لمدة أسبوع أو دفع بدل الإشعار للعامل الذي يشتغل بالساعة أو اليوم أو الأسبوع أو بالقطعة أو مقابل إشعار لمدة شهر أو دفع بدل إشعار عمال المشاهرة ويحق للعامل ترك العمل نهائياً قبل ثلاثة أيام في الحالة الأولى وسبعة أيام في الحالة الأخيرة قبل انتهاء مدة الإشعار ) هذا وإن المادة 17 المشار إليها التي نصت على الحالات التي أجازت لصاحب العمل إنهاء عقد عمل العامل دون إشعار والمنصوص عليها في المادة ( 19 ) .

وتم إلغاء نص المادة ( 16 ) المشار إليها بمقتضى المادة ( 43 ) من قانون العمل المؤقت رقم ( 67 ) لسنة 1971 التي نصت على أنه :

( إذا كان العقد غير معين المدة جاز لكل من الطرفين إنهاؤه وفقاً لأحكام هذا القانون بعد إشعار الطرف الآخر كتابة بمدة شهر أو بعد دفع بدل الإشعار من صاحب العمل هذا بالنسبة لعمال المشاهرة وخمسة عشر يوماً أو دفع بدل الإشعار بالنسبة للعمال الذين يشتغلون بالساعة أو اليوم أو الأسبوع أو بالقطعة ويحق للعامل الذي وجه إليه الإشعار أن يتغيب عن عمله ساعة يومياً بقصد البحث عن عمل خلال مدته ) .

وقد تقرر بطلان هذا القانون بموجب إعلان بطلان القانون المؤقت رقم ( 167/197) قانون العمل بتاريخ 6/4/1972 وعليه بقي نص المادة ( 16) من قانون العمل رقم
( 21 ) لسنة 1960 المشار إليها سارية المفعول إلى أن صدر قانون العمل رقم ( 8 ) لسنة 1996وتعديلاته .

وبمقارنة الأحكام الواردة في نص المادتين ( 16 و 23 ) نجد أن المشرع غير في القيود التي تقيد صاحب العمل في حقه بإنهاء عمل العامل في عقد العمل المحدد المدة.

فنجد أن المادة ( 16 ) قيدت حق صاحب العمل في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بقيدين اثنين :

القيد الأول : وهو شكلي .

القيد الثاني : وهو موضوعي وهو توافر مبرر ومسبب يبرر إنهاء صاحب العمل عقد العمل .

حيث اشترط لممارسة هذا الحق أن هناك سبب إما بسبب إعادة تنظيم في المؤسسة
أو سبب زيادة عدد العمال أو عدم ملائمتهم للعمل أو أي سبب آخر يراه غير منصوص عليه في المادة ( 17 ) من قانون العمل .

بينما نجد أن المشرع في المادة ( 23 ) المشار إليها قرر حكماً مشتركاً للعامل وصاحب العمل في حرية إنهاء العقد غير المحدد المدة بإرادته المنفردة دون أن يتطرق
لا من قريب أو بعيد إلى شرط المبرر أو السبب لمشروعية الإنهاء من قبل صاحب العمل وجعل شرط الأخطار هو القيد الوحيد على إنهاء العقد سواء بالنسبة لصاحب العمل
أو العامل على خلاف ما ورد في قانون العمل السابق ومما يبرر حكم المادة ( 23 ) المشار إليها هو انسجامها مع ماهية عقد العمل غير محدد المدة وهو أنه ليس أبدياً وقد أجاز المشرع إنهاؤه بناءً على رغبة أحد الطرفين ولتحقيق التوازن بين مصلحة صاحب العمل ومصلحة العامل فهناك حالات قد يضطر فيها صاحب العمل إنهاء علاقته بالعامل وكذلك الأمر بالنسبة للعامل الذي يرغب في إنهاء علاقة العمل مع صاحب العمل .

وحيث إن المشرع أفرد لهذه الحالة حكماً تشريعياً خاصاً بجانب حالات إنهاء العقد عملاً بأحكام المادة ( 28 ) من قانون العمل التي أجازت لصاحب العمل فصل العامل دون إشعار في حالات معينة وكذلك أحكام المادة ( 29 ) منه التي أجازت للعامل ترك العمل دون إشعار في حالات معينة .

وإعمال أحكام المادة ( 23 ) هو الأصل وهو حق للمتعاقدين في عقد العمل إلا أن المشرع استثنى حالات من سريان حكم المادة ( 23 ) عليها وهي التي أشارت إليها المادة ( 24 ) من قانون العمل التي نصت على أنه : ( مع مراعاة ما ورد في المادة 31 من هذا القانون لا يجوز فصل العامل أو اتخاذ أي إجراء تأديبي بحقه لأسباب تتعلق بالشكاوى والمطالبات التي تقدم بها العامل إلى الجهات المختصة والمتعلقة بتطبيق أحكام هذا القانون عليه ) .

وما نصت عليها المادة ( 27 ) من قانون العمل التي جاء فيها :

( مع مراعاة أحكام الفقرة ( ب) من هذه المادة لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل أو توجيه إشعار إليه لإنهاء خدمته في أي من الحالات التالية :

  1. المرأة الحامل ابتداءً من الشهر السادس من حملها أو خلال إجازة الأمومة .

  2. العامل المكلف بخدمة العلم أو الخدمة الاحتياطية في أثناء قيامه بتلك الخدمة .

  3. العامل في أثناء إجازته السنوية أو المرضية أو الإجازة الممنوحة له لأغراض الثقافة العمالية أو الحج أو في أثناء إجازته المتفق عليها بين الطرفين للتفرغ للعمل النقابي أو الالتحاق بمعهد أو كلية أو جامعة معترف بها .

  1. يصبح صاحب العمل في حل من أحكام الفقرة ( أ) من هذه المادة اذا استخدم العامل لدى صاحب عمل آخر خلال أي مدة من المدد المنصوص عليها في تلك الفقرة .

إن المستفاد من النصوص سالفة الذكر أن عقد العمل غير محدد المدة ليس أبدياً فقد أجاز المشرع إنهاءه بناءً على رغبة أحد الطرفين ( قرار تمييز حقوق رقم 1158/2004 ) هيئة عامة بتاريخ 13/1/2005 ) وتقرير هذا الحكم هو ترسيخاً وإعلاءً لمبدأ رضائية عقد العمل وتحقيقاً لمبدأ حسن النية بين المتعاقدين عند ممارسة هذا الحق فالأصل هو عدم لجوء أي طرف إلى هذه المكنة من المتعاقدين إلا بحسن نية وليس بغرض الإضرار بالآخر فالعامل لن يغامر في قطع مصدر رزقه وإنهاء تعاقده مع صاحب العمل دون سبب جدي وكذلك صاحب العمل لن يكبد نفسه عناء البحث عن عامل آخر وتجربته ويعرض مصدر رزقه للاضطراب أثناء البحث عن عامل آخر
أو عن تجربته مما يجعل اللجوء إلى هذا الطريق يتم بالجدية والمصلحة وحسن النية التي لن يقف المشرع في طريقها ( دراسة المكتب الفني ص6) .

إلا أنه ومراعاة من المشرع لمصلحة العامل باعتباره الطرف الضعيف في عقد العمل فقد أورد المشرع جملة من القيود والضوابط على استعمال الحق بإنهاء العقد منها عدم جواز إنهاء عقد العمل في حالات سبق الإشارة إليها في المادتين ( 24 و 27 ) من قانون العمل ( قرار تمييز حقوق 1158/2004 هيئة عامة تاريخ 13/1/2005 قرار تمييز حقوق رقم 301/2012 تاريخ 1/4/2012) .

غير أن محكمتنا تجد أن المميزة وفي مرافعتها النهائية أشارت إلى أن هناك أسباب حقيقية هي التي أدت إلى إنهاء عمل المميز ضده وهي اختلاف الوضع المالي للشركة
( المميزة ) وعدم قدرة المميزة على دفع الرواتب وتسديد الالتزامات المترتبة على عاتقها وأنها تمر بظروف اقتصادية تتفق والأخذ بأحكام المادة ( 31 ) من قانون العمل وعليه فإن مقتضى ذلك وجوب مراعاة ما تضمنته أحكام المادة ( 31 ) المشار إليها من شروط وإجراءات على صاحب العمل اتباعها والالتزام بها حتى تتمكن من الاستفادة مما يخولها من إنهاء عمل عمالها دون اعتبار ذلك من قبيل الإنهاء غير المبرر ويعتبر من حالات الفصل التعسفي .

وحيث إن المحكمة الاستئنافية ذهبت إلى الأخذ بأحكام المادة ( 31) من القانون فيكون قرارها متفقاً وأحكام القانون وأسباب الطعن لا ترد عليه مما يتوجب ردها .

وتأسيساً على ما تقدم نقرر رد الطعن وتأييد القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني .

 

قـــــراراً صدر بتاريخ 17 رجب سنة 1441هـ الموافق 12/3/2020م

 

عضـــــــو عضـــــــو القاضي المترئس

 

 

عضـــــــو عضـــــــو عضـــــــو

 

 

عضـــــــو عضـــــــو عضـــــــو

 

 

 

 

 

رئيس الديــوان

 

 

 

دقــــق ب . ع

ب.ع h19-3034