القرار رقم 4075 لسنة 2019 الصادر عن هيئة القاضي محمد الغزو - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الجزائية

محكمة التمييز الأردنية

بصفتها: الجزائية

رقم القضية: 4075/2019

المملكة الأردنية الهاشمية

وزارة العـدل

القــرار

الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمـة وإصـدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم

الهيئة الحاكمة برئاسة السيد الرئيس محمد الغزو

وعضويــة القضـــاة الســــادة

محمد إبراهيم، ناجي الزعبي, ياسين العبداللات, باسم المبيضين,

حسان العمايرة، سعيد مغيض، ماجد العزب، د.نايف السمارات.

المميـــــز:- مساعد النائب العام/إربد.

المميز ضـدهما:-

1- وائل شلاش فالح الوقفي.

2- علي أكرم خليفة حوراني.

بتاريــخ 15/10/2019 تقدم المميز بهذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف إربد في القضية الجنائية رقم (5579/2019) بتاريخ 17/9/2019 المتضمن رد الاستئناف وإعلان براءة المميز ضدهما من جنايتي التزوير واستعمال مزور طبقاً للمواد(260 و261 و262 و264) من قانون العقوبات.

طالباً قبول التمييز شكلاً وموضوعاً ونقض القرار المميز للسببين التاليين:-

  1. أخطأت المحكمة بتطبيق أحكام المادتين (237 و267) من قانون أصول المحاكمات الجزائية حيث جاء الحكم خالياً من أسبابه الموجبة ولم تعالج فيه البينة المتمثلة فيما ورد في إفادتي المميز ضدهما لدى المدعي العام والتي دللت على ارتكابهما لجنايتي التزوير واستعمال مزور موضوع القضية.
  2. أخطأت المحكمة في تطبيق وتأويل أحكام المواد (260و261 و262 و264) من قانون العقوبات عندما ذهبت إلى القول إن عدم التحقق من صحة التوقيع على الوكالة لا يدلل على وقوع التزوير أو تحريف الحقيقة لا سيما أن المميز ضدهما محاميان ويقومان مقام كاتب العدل.

بتاريخ 5/12/2019 تقدم مساعد رئيس النيابة العامة بمطالعة خطية طلب فيها قبول التمييز شكلاً وموضوعاً ونقض القرار المميز وإجراء المقتضى القانوني.

الـقرار

بالتدقيــق والمداولــة نجد أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمتهمين:-

  1. وائل شلاش فالح الوقفي.
  2. علي أكرم خليفة حوراني.

الجرمين التاليين:-

1-جناية التزوير واستعمال مزور خلافا لأحكام المواد ( 260 و261 و262 ) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من القانون ذاته.

2-جنحة الاحتيال بالاشتراك خلافاً لأحكام المادتين (417 و76) من قانون العقوبات.

وتتلخص وقائع هذه الدعوى وكما جاءت بإسناد النيابة العامة في الآتي:-

 إنه وردت مشروحات من قاضي محكمة بداية جزاء المفرق المدونة على طلب إسقاط الحق الشخصي المقدم من المستدعي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد في القضية البدائية الجزائية رقم (449/2004) أساس القضية البدائية الجزائية رقم (64/2012) وبطيه وكالة خاصة معطاة من المشتكي في القضية البدائية الجزائية عيد ضحوي الظفيري للمتهمين وائل شلاش الوقفي وعلي الحوراني غير مؤرخة مدفوع عنها الرسم بتاريخ 29/4/2013 ومصادق عليها من قبل المشتكى عليه علي الحوراني واستدعاء إسقاط الحق الشخصي المقدم من المتهم وائل الوقفي ومصادق عليه من قبل قاضي صلح جزاء إربد كما ورد ملف القضية البدائية الجزائية رقم (46/2013 ) أساس القضية البدائية الجزائية رقم (64/2012) .

وبعد الاستماع إلى شهادة المشتكي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد تبين لي أن المتهمين المحاميين علي الحوراني ووائل الوقفي هما وكيلان لوالد المشتكي عويد شتيوي العواد في عدة قضايا وأنه وبعد أن تم إلقاء القبض على والده الشاهد شتيوي في نهاية شهر (4) من عام 2013 راجع المشتكي عبد الرحمن المتهم علي الحوراني وذلك بناءً على اتصال هاتفي ورده من والده أثناء وجوده في مقاطعة البادية طلب منه أن يقوم بمراجعة المتهم علي الحوراني وأن يعطيه مبلغ ثلاثين ألف دينار وبالفعل فقد توجه المشتكي بتاريخ 30/4/2013 إلى مبنى محكمة بداية إربد (قصر العدل) بناءً على تنسيق مع المتهم علي الحوراني وهناك قابله المتهم المحامي علي الحوراني على باب المحكمة بناء على التنسيق الهاتفي وقام بتسليمه مبلغ ثلاثين ألف دينار واستلمها منه وقام المتهم علي الحوراني بتسليمه إسقاط حق شخصي باسم المشتكي في دعوى الاحتيال المقامة ضد والده الشاهد عويد ووكالة المتهم المحامي وائل الوقفي وبعد أن استلم المشتكي عبد الرحمن الأوراق منه عاد إلى مبنى محكمة بداية المفرق من أجل تسليم استدعاء طلب إسقاط العقوبة للعفو العام وفي اليوم التالي حضر المشتكي عبد الرحمن برفقة الشاهد سعد الشرعة إلى محكمة بداية المفرق والذي دار حديث بينهما حول سبب ذهاب المشتكي  إلى محكمة بداية المفرق حيث اخبره المشتكي بأنه من أجل تقديم طلب لإسقاط العقوبة عن والده ولما قدم المشتكي الطلب للقاضي طلب منه الانتظار وهناك تم إلقاء القبض عليه وإحالته إلى المدعي العام وبعد الاستماع لشهادة الشاهد عبد الرحمن عويد وإجراء الخبرة الفنية تبين أن الوكالة التي تم بموجبها إسقاط الحق الشخصي من قبل المتهمين عن المدعو عويد شتيوي العواد مزورة حيث تبين بأن المتهمين قاما بتزوير توقيع المشتكي عيد ضحوي الظفيري على الوكالة ونتيجة الشكوى ، جرت الملاحقة .

  وبتاريخ 28/2/2017 كانت هذه المحكمة وبتشكيل آخر قد أصدرت حكماً بمثابة الوجاهي بحق المتهمين في القضية الجنائية رقم (352/2014) يتضمن ما يلي :-

  1. عملا بأحكام المادة (177) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إدانة المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفة حوراني بجناية الاحتيال بالاشتراك بحدود المادتين( 417 و76) من قانون العقوبات والحكم على كل منهما بالحبس مدة سنة واحدة والرسوم والغرامة مئة دينار والرسوم لكل واحد منهما محسوبة لهما مدة التوقيف الواردة في مطلع هذا القرار.
  2. عملا بأحكام المادة (236) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان عدم مسؤولية المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفه حوراني عن جناية استعمال مزور مع العلم بحدود المواد (260 و261) من قانون العقوبات.
  3. عملا بأحكام المادة (236) من قانون أصول المحاكمات الجزائية تجريم المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفه حوراني بجناية التزوير في الأوراق الرسمية بحدود المادتين (260 و262) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من القانون ذاته وعطفاً على ما جاء بقرار التجريم الصادر بحقهما وعملاً بأحكام المادة (262) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون وضع كل من المجرمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفة حوراني بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمس سنوات والرسوم محسوبة لكل مهما مدة التوقيف وعملاً بأحكام المادة (72) من قانون العقوبات تنفيذ العقوبة الأشد بحق المجرمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفة حوراني لتصبح العقوبة الواجبة النفاذ وضع كل واحد منهما بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات والرسوم محسوبة لهما مدة التوقيف.

إلا أن المتهمين علي ووائل لم يرتضيا بهذا الحكم المشار إليه أعلاه فطعنا فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف إربد حيث أعيد الحكم مفسوخاً بموجب قرارها رقم (32) الصادر في القضية الاستئنافية رقم (9447/2017) جنايات تاريخ 31/5/2017  وقرارها رقم (32) الصادر في القضية الاستئنافية رقم (9447/2017) جنايات تاريخ 31/5/2017 وذلك لتمكين المتهمين من تقديم بيناتهما ودفوعهما.

وبنتيجة المحاكمة الجارية لدى محكمة جنايات المفرق اعتنقت المحكمة الواقعة الثابتة التالية:-

إنه وردت مشروحات من سعادة قاضي محكمة بداية جزاء المفرق المدونة على طلب إسقاط الحق الشخصي المقدم من المستدعي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد في القضية البدائية الجزائية رقم (449/2004) أساس القضية البدائية الجزائية رقم (64/2012) وبطية وكالة خاصة معطاة من المشتكي في القضية البدائية الجزائية عيد ضحوي الظفيري للمتهمين وائل شلاش الوقفي وعلي الحوراني غير مؤرخة مدفوع عنها الرسم بتاريخ 29/4/2013 ومصادق عليها من قبل المتهم علي الحوراني واستدعاء إسقاط الحق الشخصي المقدم من المتهم وائل الوقفي ومصادق عليه من قبل قاضي صلح جزاء إربد كما ورد ملف القضية البدائية الجزائية رقم (46/2013) أساس القضية البدائية الجزائية رقم(64/2012).

وفي ضوء شهادة المشتكي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد فقد تم إحالة المتهمين وائل الوقفي وعلي الحوراني من قبل النيابة العامة إلى هذه المحكمة وذلك لملاحقتهما عن جرم جناية التزوير واستعمال مزور خلافاً لأحكام المواد (260 و 261 و 262 ) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون وجرم جنحة الاحتيال بالاشتراك خلافاً لأحكام المادتين (417 و76) من قانون العقوبات وذلك على سند من القول أن المتهمان المحاميين على الحوراني ووائل الوقفي هما وكيلان لوالد المشتكي عويد شتيوي العواد في عدة قضايا وأنه وبعد أن تم إلقاء القبض على والده الشاهد شتيوي في نهاية شهر(4)من عام 2013 راجع المشتكي عبد الرحمن المتهم علي الحوراني وذلك بناءً على اتصال هاتفي ورده من والده أثناء وجوده في مقاطعة البادية طلب منه أن يقوم بمراجعة المشتكى عليه المتهم علي الحوراني وأن يعطيه مبلغ ثلاثون ألف ديناراً وبالفعل فقد توجه المشتكي بتاريخ 30/4/2013 إلى مبنى محكمة بداية إربد (قصر العدل) بناءً على تنسيق مع المتهم علي الحوراني وهناك قابله المتهم المحامي علي الحوراني على باب المحكمة بناء على التنسيق الهاتفي وقام بتسليمه مبلغ ثلاثون ألف ديناراً واستلمها منه وقام المتهم علي الحوراني بتسليمه إسقاط حق شخصي باسم المشتكي في دعوى الاحتيال المقامة ضد والده الشاهد عويد ووكالة المتهم المحامي وائل الوقفي وبعد أن استلم المشتكي عبد الرحمن الأوراق منه عاد إلى مبنى محكمة بداية المفرق من أجل تسليم استدعاء طلب إسقاط العقوبة للعفو العام وفي اليوم التالي حضر المشتكي عبد الرحمن برفقة الشاهد سعد الشرعة إلى محكمة بداية المفرق والذي دار حديث بينهما حول سبب ذهاب المشتكي  إلى محكمة بداية المفرق حيث أخبره المشتكي بأنه من أجل تقديم طلب لإسقاط العقوبة عن والده ولما قدم المشتكي الطلب للقاضي طلب منه الانتظار وهناك تم إلقاء القبض عليه وإحالته إلى المدعي العام وبعد الاستماع لشهادة الشاهد عبد الرحمن عويد وإجراء الخبرة الفنية تبين أن الوكالة التي تم بموجبها إسقاط الحق الشخصي من قبل المتهمان عن المدعو عويد شتيوي العواد مزورة حيث تبين بأن المتهمان قاما بتزوير توقيع المشتكي عيد ضحوي الظفيري على الوكالة ونتيجة الشكوى ، جرت الملاحقة.

وقد ساقت النيابة العامة بيناتها على تلك الوقائع لإثبات ارتكاب المتهمين علي ووائل للجرائم المسندة إليهما والتي تمثلت بما يلي:-

شهادة الشاهد عبد الملك صالح محمد شناق والمستمعة أمام المحكمة على الصفحة (5) من محاضر هذه القضية قبل الفسخ والتي ذكر فيها (.... لقد علمت من خلال المتهم علي بأن المتهم وائل قد تم توقيفه من قبل مدعي عام المفرق، والتقيت بالمتهم علي الحوراني عند انسباه في بلدة الصريح، وأثناء ذلك ورد للمتهم علي اتصال هاتفي من المدعو عاكف الوقفي، وأخبره عاكف بأنه قام بأداء الشهادة لدى مدعي عام المفرق وأنا سمعت المتهم علي يخاطب عاكف الحوراني ويستفسر منه عن سبب قيامه بالشهادة فاخبره بأنه قام بأداء الشهادة بناءً على طلب المدعي العام وأنا سمعت ذلك كوني كنت بجانب المتهم علي عندما كان يتحدث مع المدعو عاكف، واستفسر المتهم علي من عاكف عن فحوى شهادته فرد عليه (أنا شهدت عند المدعي العام بأن الشخص الذي قام بالتوقيع لك بعرف علي إنه مش هو الشخص السعودي) ودار حديث بينهما فأخبره بأنني لا اعرف ماذا شهدت وأني خربطت، وبعد حوالي أسبوع التقيت بالمدعو عاكف الوقفي وركبت معه في مركبته.

وفي القانون وفي التطبيق القانوني توصلت المحكمة للنتائج التالية:-

أولاً:- فيما يتعلق بجرم جناية التزوير خلافاً لأحكام المادتين (260 و262) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون المسندة للمتهم وائل شلاش فالح الوقفي.

تجد المحكمة ومن خلال استعراضها لبينة النيابة العامة المقدمة والمستمعة  في هذه الدعوى وأقوال المتهمين علي ووائل أمام المدعي العام لدى استجوابهما عن الجرائم المسندة إليهما بأنه من الثابت من خلالها أن المتهم وائل قام بتسليم الوكالة الخاصة المروسة باسمه فارغة للمتهم علي وأن المتهم علي حسب أقواله لدى المدعي العام هو من قام بالتصديق على التوقيع المنسوب للمشتكي عيد ضحوي الظفيري دون أن يتحقق من شخصية الموكل ومن صحة التوقيع وبعدها قام بتسليم الوكالة الخاصة للمتهم وائل ولم يثبت من خلال بينة النيابة العامة المقدمة في هذه الدعوى ما يشير إلى أن المتهم وائل قد قام بأي تحريف أو تزوير في تلك الوكالة  ولم يرد أيضاً ما يثبت بأنه كان على علم بأنها مزورة عندما أرفقها بإسقاط الحق الشخصي الذي تقدم به لدى قاضي صلح جزاء إربد من أجل المصادقة عليه، ولم يرد أيضاً من خلال تلك البينات ما يشير إلى أن المتهم وائل هو من قام بتعبئة بيانات تلك الوكالة المزورة  سوى أقوال المتهم علي ضده لدى المدعي العام وهي أقوال متهم ضد متهم ولم تتأيد بأية قرينة أخرى تؤيدها حتى يمكن اعتمادها كبينة قانونية بمواجهة المتهم وائل وفقاً لمنطوق المادة (148/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وبالتالي فإن هذه الأقوال لا تصلح أن تكون دليلاً لربط المتهم وائل بالجرم المسند إليه، مما يتعين معه طرح هذه الأقوال واستبعادها كبينة قانونية من عداد بينات النيابة العامة.

 وعليه وحيث لم يرد في بينة النيابة العامة أي دليل يربط المتهم وائل بالجرم المسند إليه وحيث إن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين والأدلة القاطعة ولا تبنى على مجرد الشك والتخمين، الأمر الذي يتعين معه والحالة هذه إعلان براءته من هذا الجرم المسند إليه لعدم قيام الدليل القانوني بحقه.

ثانياً:- فيما يتعلق بجرم جناية التزوير خلافا لأحكام المادتين (260 و262) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون المسندة للمتهم علي أكرم خليفة حوراني.

  وباستقراء المحكمة لنصوص المادتين من (260 إلى 272 ) من قانون العقوبات وجدت أن التزوير الجنائي إنما يقع على سند رسمي من الإسناد التي ينظمها أو يصدقها الموظف المختص أو من في حكمه بمقتضى المادتين 263 و264 من قانون العقوبات طبقا للأوضاع القانونية المقررة والتي يكون لها حجية في الإثبات وفقا لما تقضي به المادة السادسة من قانون البينات  وأنه يتم إما بالطريقة المادية المنصوص عليها في المادة( 262) من القانون ذاته بإساءة استعمال إمضاء أو ختم أو بصمة اصبع أو إجمالاً بتوقيعه إمضاءَ  مزوراً وإما بصنع صك أو مخطوط وأما بما يرتكبه من حذف أو إضافة تغير في مضمون صك أو مخطوط أو بالطريقة المعنوية المنصوص عليها في المادة (263) من قانون العقوبات بإحداث تشويشا في موضوع سند نظمه موظفاً سنداً لاختصاصه أو في ظروفه إما بإساءة استعمال إمضاء على بياض اؤتمن عليه أو بتدوينه عقودا وأقوالاً غير التي صدرت عن المتعاقدين أو التي املوها أو بإثباته وقائع كاذبة على أنها صحيحة أو وقائع غير معترف بها على أنها معترف بها أو بتحريفه أي واقعة أخرى بإغفاله أمراً أو إيراده على وجه غير صحيح. 

  كما تجد انه وبمقتضى المادة (264) من قانون العقوبات تنزل منزل الموظفين العامين لتطبيق هذه المواد كل من فوض إليه المصادقة على صحة سند أو إمضاء أو ختم .

وإن المادة( 44/1) من قانون نقابة المحامين قد منحت المحامي الأستاذ حق المصادقة على تواقيع موكليه على الوكالات الخصوصية إذا تعلق التوكيل في أحد الأمور المنصوص عليها في المادة السادسة  من هذا القانون ويكون المحامي في جميع الحالات مسؤولاً شخصياً عن صحة هذه التواقيع.

ومن خلال استعراض المحكمة  للنصوص المشار إليها أعلاه تجد أنه يشترط لنهوض جريمة التزوير الجنائي توافر الأركان التالية:-

1-تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي وإثبات ما يخالف الحقيقة في هذا المحرر من قبل موظف مختص أو من كان في حكمه بإحدى الطرق المادية أو المعنوية الواردة في المواد (260و262و263) من قانون العقوبات.

2-الاحتجاج في المحرر .

3-ترتب الضرر أو احتمال ترتبه من جراء تغيير الحقيقة.

4-القصد الجرمي .

 وباستعراض المحكمة للبينات المقدمة والمستمعة في هذه الدعوى فقد ثبت من خلالها أن التوقيع المنسوب للمشتكي عيد ضحوي الظفيري والوارد على الوكالة تحت عبارة الموكل لم يكن بخط يد المشتكي وأن فعل المتهم علي اقتصر على تصديقه على التوقيع المنسوب للمشتكي دون أن يتحقق من شخصية الموكل ومن صحة التوقيع ولم يثبت من خلال البينات المقدمة أنه كان عالماً عندما صادق عليه أنه مزور ولم يرد من خلال البينات ما يشير إلى أن المتهم علي قد قام بأي تحريف أو تشويش أو تغيير للحقيقة وبالتالي فإن ركن جريمة التزوير المسندة للمتهم علي غير متوافر وحيث إن جريمة التزوير تستدعي وجود القصد الجنائي العام  لدى المزور من حيث قيام الركن المادي المتمثل بالتحريف والتشويش وتغيير الحقيقة  والقصد الخاص وهو نية المزور باستعمال السند المزور بقصد الأضرار بالمشتكي وإخلال بالثقة العامة للأسناد سواء الرسمية أو غير الرسمية (لطفا انظر قرارات محكمة التمييز ذوات الأرقام( 1562/2006 )تاريخ 8/4/2007 و(1364/2008) تاريخ 5/11/2008 و(2205/2011) تاريخ 12/1/2012  و(1458/2018 )تاريخ 10/7/2018 منشورات مركز عدالة).

وعليه وحيث لم يثبت توافر قصد التزوير لدى المتهم علي سواء الخاص أو العام وبالتالي فإن قيام المتهم علي  بالتصديق على التوقيع المنسوب للمشتكي لا يشكل جرماً ولا يستوجب عقاباً مما يتعين معه إعلان عدم مسؤولية المتهم علي عن جرم التزوير المسند إليه .

 ثالثاً:- فيما يتعلق بجناية استعمال مزور خلافاً لأحكام المادة (261) من قانون العقوبات المسندة للمتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم علي حوراني.

   وجدت المحكمة بأنه وبتاريخ 28/2/2017 كانت هذه المحكمة وبتشكيل آخر قد أصدرت حكماً في القضية الجنائية رقم (352/2014 ) والمتفرع عنها هذه القضية يتضمن وعملاً بأحكام المادة(236) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان عدم مسؤولية المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم علي حوراني عن جناية استعمال مزور مع العلم بحدود المواد (260 و261 ) من قانون العقوبات وأن النيابة العامة لم تستأنف هذا الحكم وأن المتهمين علي ووائل قاما باستئناف الفقرة الحكمية بذلك القرار والمتضمنة وضع كل واحد منهما بالأشغال المؤقتة مدة خمس سنوات والرسوم وحيث إن الطاعن لا يضار من طعنه وبالتالي فإن ذلك الحكم والمتضمن إعلان عدم مسؤولية المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي اكرم علي حوراني عن جناية استعمال مزور مع العلم بحدود المواد (260 و261) من قانون العقوبات أصبح قطعياً وعنواناً للحقيقة ولا داع لبحثه مجددا . 

رابعاً:- فيما يتعلق بجنحة الاحتيال بالاشتراك خلافاً لأحكام المادتين(417 و76 ) من قانون العقوبات المسندة للمتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم علي حوراني.

   وجدت المحكمة ومن خلال استعراضها لبينة النيابة العامة التي ساقتها لإثبات ارتكاب المتهمين المذكورين للجرم المسند إليهما والتي تمثلت بشهادة المشتكي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد وهي البينة الرئيسية في هذه القضية تجد المحكمة بانها جاءت متناقضة مع بعضها البعض في كافة مراحلها أمام المدعي العام وأمام هذه المحكمة وكذلك جاءت متناقضة مع شهادة شاهد النيابة العامة الشاهد عويد شتيوي خالد العواد .

وعليه وفي ضوء تلك التناقضات في شهادة المشتكي عبد الرحمن عويد شتيوي العواد في كافة مراحلها أمام المدعي العام وأمام هذه المحكمة وتناقضها مع شهادة والده الشاهد عويد شتيوي خالد العواد فـإن المحكمة تشك بصدق أقوال المشتكي عبد الرحمن ولا تأخذ بها ولا تعول عليها في تكوين قناعتها ووجدانها ولا يمكن الركون عليها في بناء حكم بالإدانة وبالتالي تطرحها من عداد البينات.

  أما فيما يتعلق بباقي بينة النيابة العامة المقدمة والمستمعة في هذه القضية تجد المحكمة بأنه لم يرد من خلالها لا من قريب ولا من بعيد ما يشير إلى قيام المتهمين علي ووائل بالاحتيال على المشتكي عبد الرحمن أو قبض أي مبالغ منه مقابل حصوله على إسقاط الحق الشخصي عن والده الشاهد عويد .

 وعليه فإنه لم يتبق في بينة النيابة العامة أي دليل يربط المتهمين وائل وعلي بجرم الاحتيال بالاشتراك المسند إليهما، وحيث إن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين والأدلة القاطعة ولا تبنى على مجرد الشك والتخمين، الأمر الذي يتعين معه والحالة هذه إعلان براءتهما من هذا الجرم المسند إليهما لعدم قيام الدليل القانوني بحقهما .

وفي ضوء ما تقدم قررت المحكمة ما يلي :

أولاً: عملاً بأحكام المادة (178) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان براءة المتهمين وائل شلاش فالح الوقفي وعلي أكرم خليفة حوراني من جرم الاحتيال بالاشتراك خلافا لأحكام المادتين( 417 و 76) من قانون العقوبات المسند إليهما لعدم قيام الدليل القانوني بحقهما.

ثانيا: عملاً بأحكام المادة (236) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان براءة المتهم وائل شلاش فالح الوقفي من تهمة جناية التزوير خلافاً لأحكام المادتين (260 و262) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون لعدم قيام الدليل القانوني بحقه.

ثالثا: عملاً بأحكام المادة (236) من قانون أصول المحاكمات الجزائية إعلان عدم مسؤولية المتهم  علي اكرم خليفه حوراني عن تهمة جناية التزوير خلافاً لأحكام المادتين (260 و262 ) من قانون العقوبات وبدلالة المادة (264) من ذات القانون المسندة إليه.

لم يرتضِ مدعي عام المفرق بهذا القرار فطعن فيه لدى محكمة استئناف إربد.

نظرت محكمة الاستئناف القضية وأصدرت فيها قرارها رقم (5579/2019) بتاريخ 17/9/2019 المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف.

لـم يرتـضِ المميـز بهذا القرار فطعـن فيـه تمـييـزاً.

وعن سببي التمييز:-

فبالنسبة لسببي التمييز ومفادهما تخطئة محكمة استئناف إربد بالنتيجة التي توصلت إليها من حيث تأييد قرار محكمة الدرجة الأولى بإعلان براءة المميز ضده وائل من جرم التزوير خلافاً لأحكام المواد (260 و261 و262 و264) من قانون العقوبات وإعلان عدم مسؤولية المميز ضده علي حوراني عن ذات التهمة على سند من القول إن المميز ضدهما يقومان مقام كاتب العدل في التحقق من صحة التوقيع ومسؤوليتهما شخصية في ذلك بمقتضى أحكام المادة (44/1) من قانون نقابة المحامين.

ففي ذلك نجد أن اجتهاد محكمتنا قد استقر على أن وزن البينة وتقديرها هو من شأن محكمة الموضوع التي لها على مقتضى أحكام المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الحرية في الأخذ بالدليل المقدم إذا توافرت لديها القناعة به أو طرحه إذا ساورها الشك بصحته دون معقب عليها في ذلك حيث إن القاضي الجزائي يبني حكمه على قناعته الوجدانية التي لا تتدخل فيها محكمة التمييز بصفتها محكمة قانون غير أن ذلك لا يكون على إطلاقه بل مقيد بسلامة النتائج التي تتوصل إليها محكمة الموضوع وأن تكون قناعتها سائغة ومقبولة ومبنية على أدلة حقيقية مقدمة في الدعوى ولها أصل ثابت فيها وأن لا تهدر دليلاً مشروعاً مقدماً في الدعوى دون أي مبرر قانوني.

وفي الحالة المطروحة ورداً على سببي التمييز المقدم من النيابة العامة الذي ينشر الدعوى نجد ما يلي:

أولاً: بالنسبة لتهمة استعمال مزور خلافاً لأحكام المادتين (260 و 261) من قانون العقوبات فهي مشمولة بأحكام المادة الثانية من قانون العفو العام رقم (5) لسنة 2019 وقامت محكمة الاستئناف بإسقاط دعوى الحق العام بخصوص هذه التهمة وهي بذلك قد طبقت القانون بشكل سليم مما يستوجب رد الطعن بخصوص هذه التهمة.

ثانياً: بالنسبة لتهمة التزوير المسندة للمميز ضدهما وفقاً لأحكام المادتين ( 260 و262) من قانون العقوبات تجد محكمتنا أن محكمتي الموضوع قد أهدرتا بينات النيابة العامة المقدمة بمواجهة المميز ضدهما حيث إن البينات الخطية لوحدها تبين أن المميز ضدهما وكيلين لخصم المشتكي في هذه القضية (عيد ضحوي/ سعودي الجنسية) وأن الوكالة المبرزة في هذه القضية هي من أوراق المميز ضده وائل ومروسة باسمه وفي متنها اسم المميز ضده علي كوكيل أيضاً عن المشتكي (عيد ضحوي) وموقعة من قبل المميز ضده علي بصفته محامياً ومصادقاً على التوقيع المنسوب للمشتكي عيد الذي تبين أنه لا يعود له مطلقاً وثابت من خلال هذه الوكالة أن المميز ضده وائل شريك بالفعل المقترف كونه هو شخصياً من راجع قاضي صلح إربد (القاضي إيناس العمري) وأبرز لها هذه الوكالة وقدم لها ورقة إسقاط الحق الشخصي المرفقة مع الوكالة وبالاستناد إليها وقع أمام القاضي المذكورة بأنه وكيل عن المشتكي (عيد ضحوي) وشرحت القاضي المذكورة على ورقة الإسقاط عبارة أن المحامي وائل قد وقع أمامها على ورقة الإسقاط بالاستناد إلى الوكالة المبرزة ودونت رقمه النقابي فكيف بعد ذلك تصل محكمة الدرجة الأولى إلى نتيجة بأن البينات المقدمة من النيابة العامة بمواجهة المميز ضده وائل قد تمثلت فقط بأقوال المتهم علي ضده وهي بالتالي غير كافية لإثبات الاشتراك الجرمي استناداً لأحكام المادة (148/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

كما أن واقعة تسليم الوكالة المزورة مرفقاً بها ورقة الإسقاط المشار إليها لابن المشتكي عليه عويد ثابتة ولا جدال حولها.

كل ذلك يشير إلى أن محكمة الاستئناف بتأييدها لما توصلت إليه محكمة الدرجة الأولى لم تحط بواقعة القضية ولم تدقق بشكل قانوني سليم في البينات المقدمة.

هذا من ناحية الواقعة أما من حيث التطبيق القانوني فنجد أن محكمة الاستئناف ومن قبلها محكمة الدرجة الأولى قد فسرت نص المادة (44/1) من قانون نقابة المحامين بشكل غير سليم مهتديتين بذلك بقرارات تمييزية صادرة من السابق.

فبرجوع محكمتنا إلى النص المشار إليه نجد أن المشرع قد أعطى المحامي الحق بالمصادقة على تواقيع موكليه على الوكالات الخصوصية المعطاة له من الموكل في أحد الأمور المنصوص عليها في المادة السادسة من قانون نقابة المحامين أي أنه قد أنزله منزلة كاتب العدل بهذا الخصوص وبالتالي ما ينطبق على كاتب العدل ينطبق عليه وعمله هنا هو التأكد من هوية الموكل الذي يوقع على الوكالة فإن وقع شخص آخر في خانة الموكل فعلمه بالتزوير أصبح مفترضاً ومبيتاً بمجرد إثبات الخبرة لكون التوقيع المنسوب للموكل لا يعود له وبالتالي فإن البحث في النية الجرمية على النحو الذي توصلت إليه محكمتا الموضوع مخالف لصريح النص فالمحامي هنا مسؤول شخصياً عن صحة التوقيع المنسوب لموكله وإن لم يكن التوقيع بخط يد المحامي فإنه شريك في التزوير مع علمه المطلق بذلك وأن كل ذلك يشكل ضرراً بالمشتكي وبالثقة العامة بالإسناد والرسمية مما يجعل القصدين العام والخاص متحققين بأفعاله.

وفي الحالة المطروحة فإن ظروف وملابسات توقيع الوكالة المزورة وتصديق ورقة المخالصة بالاستناد إليها يشيران بوضوح إلى توافر حالة الاشتراك الجرمي بحق المميز ضدهما.

وعليه فإن سببي التمييز يردان على القرار المميز مما يستوجب نقضه رجوعاً منا عن أي اجتهاد سابق مخالف لما بيناه.

لذلك نقرر نقض القرار المميز بحق المميز ضدهما وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني.  

قـراراً صدر بتاريخ 8 رجب سنـة 1441هـ الموافـق 3 / 3 /2020م.

   عضـــــــــو                         عضــــــــــو                     برئاسة الرئيس

  عضـــــــــو                          عضـــــــــو                      عضـــــــــو

  عضـــــــــو                          عضـــــــــو                      عضـــــــــو