القرار رقم 6984 لسنة 2019 الصادر عن هيئة القاضي محمد متروك العجارمة - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

محكمة التمييز الأردنية                                المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها: الحقوقية                                  وزارة العــدل  
رقم القضية: 6984/2019                               القــرار

                   الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

                 الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

    عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد محمد متروك العجارمة

وعضوية القضاة السادة

 محمد طلال الحمصي , د. مصطفى العساف ، د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل

د.فؤاد الدرادكة، د. عيسى المومني ،جواد الشوا ،محمد عمر مقنصة

 

المميــــــــــزة  : شركة اسمنت الشمالية م. ع. م

وكيـــــــــلاها المحاميان : بهاء الدين إسماعيل العرموطي

وخلدون يونس.

المميـــز ضـدهم      :

1.خلف أحمد محمد المحارمة .

2.فهد أحمد محمد المحارمة .

3.محمود عيسى محمد المحارمة .

4.ورثة المرحوم محمد عيسى محمد المحارمة.

وكيلهم المحامي أحمد فهد المحارمة .

 بتاريخ30/9/2019 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف عمان في الدعوى رقم (16913/2019) تاريخ 17/9/2019  القاضي (بعدم اتباع النقض بموجب قرار محكمة التمييز رقم 2764/2019 تاريخ 26/5/2019 والإصرار على القرار السابق لذات العلل والأسباب بفسخ القرار المستأنف (الصادر عن محكمة بداية حقوق جنوب عمان في الدعوى رقم 433/2011 تاريخ 30/6/2013) والحكم بإلزام المدعى عليها / المستأنفة بدفع مبلغ (272550) ديناراً للمدعين حسب حصة كل واحد منهم في سند التسجيل ورد المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي وتضمينها الرسوم النسبية والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ومبلغ 180 ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من مراحل التقاضي بعد إجراء التقاص .

وتتلخص أسباب التمييز بما يلي :

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بتأسيس الحكم المميز على نص المادة 256 من القانون المدني ودون مراعاة لنص المادة 1021 من ذات القانون كما أن تقرير الخبرة لم يبين وجه الخطأ أو سوء الاستخدام في المصنع العائد للمدعى عليها / المميزة .
  2. أخطأت محكمة الاستئناف عندما خالفت حكم النقض(قرار محكمة التمييز رقم 3903/2017) الصادر في هذه الدعوى رغم قرارها باتباع النقض.
  3. أخطأت محكمة الاستئناف عندما حكمت بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه كما جاء حكم المحكمة مبنياً على تقرير الخبرة .
  4. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تراع خروج الخبراء عن حدود المهمة الموكولة إليهم حيث أن المهمة تنحصر فقط في تقدير قيمة التعويض عن الضرر الذي لحق بها على فرض الثبوت .
  5. أخطأت محكمة الاستئناف بالاعتماد على الكشف المستعجل الذي لم يتم تحت إشرافها .
  6. أخطأت محكمة الاستئناف بالاعتماد على تقرير الخبرة الذي جاء قاصراً وناقصاً وغير قانوني لمخالفة المعادلة التي أقرتها محكمة التمييز في مثل هذا النوع من الدعاوى .
  7. أخطأت محكمة الاستئناف بالاعتماد على ما جاء بتقرير الخبرة لإصدار قرارها على الرغم ما جاء به من عيوب .
  8. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تسمح للمميزة بتقديم بينات ضرورية للفصل سنداً لنص المادة 100 والمادة 185/1/ب من قانون الأصول المدنية .

لهذه الأسباب طلب وكيل المميزة قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

الـــقـــــــــــــــــرار

بالتدقيق في أوراق الدعوى والمداولة نجد أن المدعين:

  1. خلف أحمد محمد المحارمة.
  2. فهد أحمد محمد المحارمة.
  3. محمود عيسى المحارمة.
  4. ورثة المرحوم محمد عيسى محمد المحارمة.

وهم كل من (علي وعمر وطه وفاطمة وجمعية وجميلة وعائشة وعبلة وخديجة وعيسى بصفته الشخصية وبصفته وصي على ابنة أخيه نمارق) وكيلهم المحامي أحمد فهد المحارمة.

قد تقدموا بهذه الدعوى لدى محكمة بداية حقوق جنوب عمان بمواجهة المدعى عليها شركة اسمنت الشمالية/ الموقر.

للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية مقدرين قيمة الدعوى بمبلغ 7100 دينار لغايات الرسوم.

وقد أسسوا الدعوى على سند من القول إنهم يملكون قطعة الأرض رقم 3 حوض رقم 2 مراب حران قرية موقع الجناب من أراضي الموقر والمزروعة بالأشجار وأن المدعى عليها قامت بإنشاء مصنع إسمنت الشمالية في الجهة الغربية من المزرعة ويدعي المدعون بأن الأشجار قد تضررت بسبب تطاير الغبار المنبعثة من المصنع ونقصت قيمة قطعة الأرض.

مما استدعى تقديم الدعوى للمطالبة بالتعويض والرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

وبعد إجراء المحاكمة وسماع البينات أصدرت محكمة بداية حقوق جنوب عمان قرارها بالدعوى رقم 433/2011 تاريخ 30/6/2013 قضت فيه برد المطالبة ببدل الضرر المعنوي وبالوقت ذاته إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعين مبلغ (287640) ديناراً يوزع بين المدعين كل حسب حصته حسب التفصيل الوارد بالقرار وتضمين المدعى عليها الرسوم النسبية والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام وعدم الحكم بأتعاب محاماة للطرفين.

لم ترتضِ المدعى عليها شركة إسمنت الشمالية بقرار محكمة بداية حقوق جنوب عمان بالدعوى رقم 433/2011 المشار إليه أعلاه فطعنت فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان والتي أصدرت قرارها بالدعوى رقم 33893/2013 تاريخ 31/3/2015 قضت فيه برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومبلغ 250 ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة.

لم ترتضِ المدعى عليها شركة إسمنت الشمالية المساهمة العامة المحدودة بقرار محكمة استئناف عمان بالدعوى رقم 33893/2013 المشار إليه أعلاه فطعنت فيه تمييزاً .

وبتاريخ 12/10/2015 أصدرت الهيئة العادية في محكمة التمييز حكمها بالدعوى رقم 2331/2015 قضت فيه:

((وعن السبب العاشر من أسباب الطعن الذي يقوم على تخطئة محكمة الاستئناف عندما اعتبرت أن الوكالة التي أقيمت فيها الدعوى صحيحة رغم أنها مشوبة بالغموض.

وفي الرد على ذلك نجد من الرجوع للوكالة الخاصة بالمحامي أحمد فهد المحارمة أنها اشتملت على أسماء الخصوم والخصوص الموكل وموقعة حسب الأصول ومدفوع عنها رسم الإبراز أي أن الوكالة موافقة لأحكام المادتين 833 و834 من القانون المدني وجاءت واضحة ولم يشوبها أي جهالة أو غموض وبالتالي تخول تقديم الدعوى مما يجعل ما ورد بهذا السبب مجرد مجادلة ويتعين الالتفات عنه ورده.

وعن الأسباب الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والتي مؤداها واحد وهو تخطئة محكمة الاستئناف بالنتيجة التي توصلت إليها بالاستناد إلى تقرير الخبرة والذي حدد تعويض عن الضرر المادي والمعنوي بصورة مخالفة لما استقر عليه قضاء محكمة التمييز.

وفي الـــــــرد على ذلك نجد أن اجتهاد محكمة التمييز قد استقر على أن شركة مصانع الإسمنت المساهمة العامة مسؤولة عن الضــــــرر اللاحــــــق بالأراضي والعقــــــارات نتيجة

تساقط وتراكم الغبار والأتربة المنبعثة من مصانع الإسمنت ومحاجرها وضامنة لتلك الأضرار وذلك وفق المعادلة التي أرستها محكمة التمييز في مثل هذه القضية وهي أن التعويض الذي يستحقه مالك الأرض عن الضرر الناشئ عن سوء استعمال شركة مصانع الإسمنت وتطاير الغبار من مصانعها وتراكمه على الأرض وما عليها من أشجار وأبنية هو نقصان القيمة والذي يتمثل بالفرق بين ثمن الأرض وما عليها قبل وقوع الضرر وبعد وقوعه وبتاريخ إقامة الدعوى وبتاريخ التملك فيما إذا كان المدعي تملك الأرض بعد إقامة المصنع وفق المعادلة التي أرستها محكمة التمييز أيضاً ولمرة واحدة.

ومن الرجوع لأوراق الدعوى تبين أن محكمة الاستئناف قد بنت قرارها على تقرير الخبرة الجاري أمام محكمة البداية والذي جاء خلافاً لما استقر عليه قضاء محكمتنا وأن المهمة التي أفهمتها المحكمة للخبراء مخالفة لما استقر عليه قضاء محكمة التمييز مما يجعل قرار محكمة الاستئناف قد استند على بينة غير قانونية وبالتالي جاء مخالفاً للأصول والقانون وما استقر عليه قضاء محكمة التمييز ومستوجب النقض لإجراء كشف وخبرة جديدة تحت إشراف المحكمة الفعلي وتفهم الخبراء المهمة وفق ما بيناه أعلاه.

وعن السبب الرابع من أسباب الطعن التمييزي والذي يقوم على تخطئة محكمة الاستئناف بعدم السماح للمميزة بتقديم بينات ضرورية.

وفي الرد على ذلك وعلى ضوء ما جاء بردنا على الأسباب الأول والثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والثامن من أسباب الطعن أن البحث في هذا السبب قد استنفذ الغاية منه كون البينة المطلوبة هي إجراء الكشف والخبرة مما يتعين الالتفات عنه ورده.

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر قبول الطعن التمييزي ونقض القرار المطعون فيه وإعادة أوراق الدعوى إلى مصدرها لإجراء المقتضى وفق ما بيناه)).

وبعد النقض والإعادة قيدت الدعوى لدى محكمة استئناف عمان بالرقم 7463/2016 وقد اتبعت النقض وبتاريخ 29/6/2017 أصدرت حكمها بالدعوى المشار إليها بعد النقض والذي قضت فيه برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومبلغ 250 ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة.

لم ترتضِ المدعى عليها شركة إسمنت الشمالية المساهمة المحدودة بالحكم الصادر على محكمة استئناف عمان بالدعوى رقم 7463/2016 المشار إليه أعلاه فطعنت فيه تمييزاً.

وبتاريخ 19/10/2017 أصدرت الهيئة العادية في محكمة التمييز قرارها بالدعوى رقم (3903/2017) قضت فيه :-

(ورداً على أسباب الطعن التمييزي:

وعن الأسباب الأول والسادس والسابع والثامن التي مؤداها واحد وهو تخطئة محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة والنعي على التقرير بأنه مخالف للأصول والقانون.

وقبل الرد على ذلك نجد أن أسباب الطعن جاءت بصورة مطولة ولا تخلو من الجدل خلافاً لما تتطلبه المادة 193/5 من قانون أصول المحاكمات المدنية لذا اقتضى التنويه.

ومع ذلك نرد عليها بما يلي من الرجوع لأوراق الدعوى تبين أن محكمة التمييز بقرارها الصادر بالدعوى التمييزية رقم 2331/2015 تاريخ 12/10/2015 قد توصلت إلى نقض الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالدعوى رقم 33893/2013 تاريخ 31/3/2015 وقد توصلت محكمتا بالقرار أعلاه لما يلي: (... على أن شركة مصانع الإسمنت المساهمة العامة مسؤولة عن الضرر اللاحق بالأراضي والعقارات نتيجة تساقط وتراكم الغبار والأتربة المنبثقة من مصانع الإسمنت ومحاجرها وضامنة لتلك الأضرار وذلك وفق المعادلة التي أرستها محكمة التمييز في مثل هذه القضية وهي أن التعويض الذي يستحقه مالك الأرض عن الضرر الناشئ عن سوء استعماله شركة مصانع الإسمنت وتطاير الغبار من مصانعها وتراكمه على الأرض وما عليها من أشجار وأبنية هو نقصان القيمة والذي يتمثل بالفرق بين ثمن الأرض وما عليها قبل وقوع الضرر وبعد وقوعه وبتاريخ إقامة الدعوى....

وإن محكمة الاستئناف بنت قرارها على تقرير الخبرة الجاري أمام محكمة البداية الذي جاء خلافاً لما استقر عليه قضاء محكمتنا... وبالتالي جاء قرارها مخالفاً للأصول والقانون ومستوجب النقض لإجراء كشف وخبرة جديدة...".

محكمتنا تجد من الرجوع لأوراق الدعوى بعد النقض نجد إنها قد امتثلت لقرار النقض فيما يتعلق بإجراء الخبرة إلا أننا نجد إنها وعند تحديد المهمة قد ذكرت ما يلي ص3 من المحضر (بما في ذلك تقدير بدل ناتج الأرض من الأشجار المثمرة...) وهذا مخالف لما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز وما ورد بقرار محكمتنا السابق رقم 2331/2015 المشار إليه آنفاً.

كما أن محكمتنا من الرجوع إلى تقرير الخبرة نجد إنه جاء بعبارات عامة وغامضة وشرح علمي لآثار الغبار والغازات ولم يرد في التقرير الأصلي واللاحق ما يفيد أنهم شاهدوا غبار على الأرض والأشجار وكمياتها هل هي خفيفة أم كثيرة، وأثرها في تقدير التعويض مما يجعل هذا التقرير مخالفاً للأصول ولا يصلح بينة لاعتماده ويجعل حكم محكمة الاستئناف مستوجب النقض.

كما أن الخبراء لم يرد في تقريرهم ما يشير إلى أثر البيئة الطبيعية للأرض في تكون الغبار على فرض وجودها ولم يطلع الخبراء على التقارير الصادرة عن الجمعية الملكية وجاء تقرير الخبرة مبني على العبارات الإنشائية فقط مما يجعله لا يصلح بينة ويجعل الحكم مستوجباً للنقض.

كما أنه لم يرد في تقرير الخبرة أي إشارة لطبيعة عمل مصانع الشركة المدعى عليها وما إذا كان هناك أعمال تفجيرات وعمليات تصنيع كاملة أم لا.

لهذا ودونما حاجة للرد على باقي أسباب الطعن نقرر قبول الطعن ونقض القرار المطعون فيه وإعادة أوراق الدعوى إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني).

وبعد النقض والإعادة قيدت الدعوى لدى محكمة استئناف عمان بالرقم (53106/2017) وقد تلت قرار النقض الصادر في الدعوى التمييزية رقم (3903/2017) تاريخ 19/10/2017 وبعد الاستماع لأقوال فريقي الدعوى قررت اتباع النقض وبتاريخ 14/2/2019 أصدرت محكمة استئناف عمان قرارها بالدعوى رقم (53106/2017) قضت فيه بما يلي (... عملاً بأحكام المادة (188/3) من قانون أصول المحاكمات المدنية قررت المحكمة قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليها(المستأنفة) بدفع مبلغ (272550) ديناراً للمدعين حسب حصة كل واحد منهم في سند التسجيل وكما ورد في تقرير الخبرة ورد المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي وتضمين المدعى عليها الرسوم النسبية والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ومبلغ (180) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من مراحل التقاضي بعد إجراء التقاص..)

لم ترتض المدعى عليها شركة إسمنت الشمالية المساهمة العامة المحدودة بالحكم الصادر عن محكمة استئناف عمان بالدعوى رقم (53106/2017) المشار إليه أعلاه فطعنت فيه تمييزاً .

وكانت محكمتنا وبهيئتها العادية قد أصدرت بتاريخ 26/5/2019 حكمها رقم 2764/2019 جاء فيه :-

((وفي الرد على أسباب التمييز :-

وعن الأسباب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع التي مؤداها تخطئة محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة المخالف للأصول والقانون وقرار النقض.

وفي الرد على ذلك نجد أن محكمة التمييز قد توصلت بقرارها بالدعوى التمييزية رقم (2331/2015) تاريخ 12/10/2015 إلى نقض قرار محكمة استئناف عمان بالدعوى رقم (33893/2013) تاريخ 31/3/2015 حسب ما سوف نبينه لاحقاً .

كما أن محكمة التمييز بالدعوى التمييزية رقم (3903/2017) تاريخ 19/10/2017 قد توصلت إلى نقض قرار محكمة استئناف عمان بالدعوى رقم (7463/2016) تاريخ 29/6/2017 وقد جاء بقراري النقض ما يلي (.. إن شركة مصانع الإسمنت المساهمة العامة مسؤولة عن الضرر اللاحق بالأراضي والعقارات نتيجة تساقط وتراكم الغبار والأتربة المنبثقة عن مصانع الإسمنت ومحاجرها وضامنة لتلك الأضرار وذلك وفق المعادلة التي أرستها محكمة التمييز في مثل هذه القضايا وهي أن التعويض الذي يستحقه مالك الأرض عن الضرر الناشئ عن سوء استعمال شركة مصانع الإسمنت وتطاير الغبار من مصانعها وتراكمها على الأرض وما عليها من أشجار وأبنية هو نقصان القيمة والذي يتمثل بالفرق بين ثمن الأرض وما عليها قبل وقوع الضرر وبعد وقوعه وبتاريخ إقامة الدعوى .

كما توصلت محكمة التمييز إلى القول( ومن الرجوع إلى تقرير الخبرة نجد أنه جاء بعبارات عامة وغامضة وشرح علمي لآثار الغبار والغازات ولم يرد في التقرير  الأصلي واللاحق ما يفيد أنهم شاهدوا غباراً على الأرض والأشجار وكمياتها هل هي خفيفة أم كثيرة وأثرها في تقدير التعويض ...)

كما توصلت إلى أن الخبراء لم يرد في تقريرهم ما يشير إلى (أثر البيئة الطبيعية للأرض في تكون الغبار على فرض وجودها ولم يطلع الخبراء على التقارير الصادرة عن الجمعية العلمية الملكية.....)

إن المستفاد من قرارات التمييز المشار إليها ما يلي :-

  1. إن التعويض الذي يستحقه المدعون في هذه الدعوى على فرض ثبوت الضرر يتمثل بنقصان القيمة والذي يتمثل بالفرق بين ثمن الأرض وما عليها قبل وقوع الضرر وبعد وقوعه جملة واحدة وبتاريخ إقامة الدعوى ولا علاقة في ذلك لتاريخ إنشاء المصنع طالما أن المدعين يملكون الأرض قبل ذلك .
  2. يتوجب على الخبراء أن يبينوا مشاهداتهم وخبراتهم الشخصية بأنهم هل شاهدوا غباراً على الأرض والأشجار من غبار مصنع الإسمنت على الأرض والأشجار وكمياته وهل هي خفيفة أم كثيرة .
  3. لم يشر الخبراء إلى أثر البيئة الطبيعية للأرض موضوع الدعوى في تكون الغبار .
  4. الاطلاع على التقارير الصادرة عن الجمعية العلمية الملكية المتعلقة بالمصنع المدعى عليه والإشارة لطبيعة عمل المصنع .

ومحكمتنا من الرجوع لأوراق الدعوى تبين لها أن محكمة الاستئناف قد امتثلت لقرار النقض وقامت بإجراء خبرة جديدة بمعرفة سبعة خبراء قدموا تقريراً خطياً وتقرير خبرة لاحق وإن المحكمة والخبراء ذهبوا لتقدير قيمة الأرض وما عليها بتاريخ إنشاء المصنع وبتاريخ إقامة الدعوى خلافاً لما جاء بقرارات النقض مما يجعل التقرير مخالفاً للأصول ومستوجباً للنقض من هذه الناحية .

يضاف إلى ذلك أن محكمتنا تجد من الرجوع إلى تقرير الخبرة أن الخبراء وعند إعداد تقرير خبرتهم ذهبوا إلى القول بالفقرة المتعلقة بالحيثيات ((أولاً: بناءً على الكشف المستعجل ...))

أي أن الخبراء والمحكمة لم يتقيدوا بما جاء بقرارات النقض من توضيحات لما يجب أن يشتمل عليه تقرير الخبرة وخاصة ما أشرنا إليه أعلاه بالبنود (2و3و4) مما يجعل الخبرة غامضة وبينة غير صالحة لاعتمادها ويكون قرار محكمة الاستئناف بالاستناد إليها مخالفاً للأصول والقانون ومستوجب للنقض .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم  ودونما حاجة للرد على السبب الثامن من أسباب الطعن التمييزي نقرر قبول الطعن ونقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني.))

بعد النقض والإعادة قيدت الدعوى مجدداَ لدى محكمة الاستئناف بالرقم 16913/2019 وبعد تلاوة حكم محكمتنا رقم 2764/2019 الصادر عن الهيئة العادية بتاريخ 26/5/2019 وسماع أقوال الطرفين حوله ، قررت المحكمة عدم اتباع النقض والإصرار على الحكم السابق لذات العلل والأسباب وأصدرت بتاريخ 17/9/2019 حكمها المطعون فيها وجاهياً بحق الطرفين ويتضمن :

فسخ الحكم المستأنف وإلزام المدعى عليها (المستأنفة) بدفع مبلغ (272550) ديناراً للمدعين حسب حصة كل منهم في سند التسجيل ورد المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي وتضمينها الرسوم النسبية والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ومبلغ (180) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من مراحل التقاضي بعد إجراء التقاص.

لم تقبل المستأنفة بالحكم الاستئنافي المشار إلى منطوقه أعلاه فطعنت عليه تمييزاً للأسباب الواردة بلائحة التمييز المقدمة بتاريخ 30/9/2019 ضمن المهلة القانونية .

بتاريخ 3/10/2019 تبلغ وكيل المميز ضدهم لائحة التمييز ولم يتقدم بلائحة جوابية .

ونظراً لإصرار محكمة الاستئناف على حكمها المنقوض وعدم اتباعها لحكم النقض رقم 2764/2019 الصادر عن الهيئة العادية تم تشكيل الهيئة العامة لنظر هذا الطعن .

ورداً على أسباب الطعن جميعها:

التي تدور حول تخطئة محكمة الاستئناف بتأسيس الحكم المطعون فيه على نص المادة (256) من القانون المدني دون مراعاة نص المادة (1021) من القانون المدني  ورغم قرارها باتباع النقض إلا أنها خالفت حكم النقض رقم 3903/2017 الصادر في هذه الدعوى وعندما حكمت بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه، كما أنها لم تراعِ خروج الخبراء عن حدود المهمة الموكلة إليهم واعتمادها على الكشف المستعجل رقم 3/2011 ومن ثم إصدار حكمها بالاعتماد على تقرير الخبرة الذي جاء قاصراً وناقصاً للعناصر الواجب توافرها فيه، ولما شابه من عيوب، كما أنها لم تسمح للطاعنة بتقديم بينات ضرورية للفصل في الدعوى .

وفي ذلك نجد أن الخلاف بين محكمتنا في حكم النقض رقم 2764/2019 الصادر عن الهيئة العادية بتاريخ26/5/2019 وبين محكمة الاستئناف في حكمها رقم 16913/2019 تاريخ 17/9/2019 أن محكمتنا ذهبت في تبرير حكمها إلى القول (ومحكمتنا من الرجوع لأوراق الدعوى تبين لها أن محكمة الاستئناف قد امتثلت لقرار النقض وقامت بإجراء كشف وخبرة جديدة بمعرفة سبعة خبراء قدموا تقريراً خطياً وتقرير خبرة لاحق وأن المحكمة والخبراء ذهبوا لتقدير قيمة الأرض وما عليها بتاريخ إنشاء المصنع وبتاريخ إقامة الدعوى خلافاً لما جاء بقرارات النقض مما يجعل التقرير مخالفاً للأصول ومستوجباً للنقض من هذه الناحية .

يضاف إلى ذلك أن محكمتنا تجد من بالرجوع إلى تقرير الخبرة أن الخبراء وعند إعداد تقرير خبرتهم ذهبوا إلى القول بالفقرة المتعلقة بالحيثيات :

أولا: بناء على الكشف المستعجل أي أن الخبراء والمحكمة لم يتقيدوا بما جاء بقرارات النقض من توضيحات لما يجب أن يشتمل عليه تقرير الخبرة وخاصة ما اشرنا إليه أعلاه ... مما يجعل الخبرة غامضة وبينة غير صالحة لاعتمادها ويكون قرار محكمة الاستئناف بالاستناد إليها مخالفاً للأصول والقانون ومستوجباً للنقض)).

في حين أن محكمة الاستئناف وفي حكمها السابق الإشارة إليه – المطعون فيه- ذهبت إلى القول تبريراً لحكمها وبعد إفهام الخبراء المهمة الموكلة إليهم وهي (وصف قطعة الأرض رقم 3 حوض 2 مراب حران قرية موقع الجناب من أراضي الموقر من حيث بيان طبيعتها الطبوغرافية والخدمات المتوفرة لها ومن ثم تقدير قيمة التعويض عن الضرر الذي لحق بها على فرض الثبوت نتيجة أعمال المستأنفة بتشغيلها مصنع الإسمنت وانبعاث الغبار الإسمنتي من المصنع وبيان اثار هذه الأضرار على الأرض والمزورعات وتقدير قيمة الأرض وما عليها بتاريخ التملك و/أو إقامة المصنع مع وجود الضرر وبدونه وقيمتها بعد وقبل حصول الضرر بتاريخ إقامة الدعوى مع تقدير نقصان قيمة الانتاج للأشجار الموجودة فيها وبيان طبيعة أعمال التصنيع في مصنع الإسمنت وبيان إن وجدت تفجيرات في المكان) وتم انتخاب سبعة خبراء وقدروا التعويض وفقاً لما توصلوا إليه بنتيجة تقريرهم .

ويبين مما تقدم ما يلي :-

  1. إنه تم تقدير نقصان القيمة خلافاً لما جاء في حكم النقض، حيث أن المعادلة التي أوضحتها محكمة التمييز على ضوء ثبوت واقعة تاريخ تملك المدعين قطعة الأرض موضوع الدعوى، كان بتاريخ سابق لإقامة مصنع المدعى عليها والبدء بالأعمال تمثلت بالفرق بين قيمة الأرض وما عليها قبل وقوع الضرر وبعد وقوعه جملة واحدة وبتاريخ إقامة الدعوى في حين أن محكمة الاستئناف اعتمدت التقرير الذي بنى الفرق باعتماد تاريخ إقامة المصنع .
  2. لم يرد في تقرير الخبرة إلى ما يشير لمشاهدة الخبراء أنفسهم للغبار وكميته على الأرض والأشجار فيما إذا كانت خفيفة أو كثيرة وأثر ذلك في تقدير التعويض وفقاً لما جاء في حكم النقض واعتمد الخبراء على تقرير الكشف المستعجل لإثبات الحالة رقم 3/2011 المبرز في الدعوى بالإضافة إلى أنه يقتضي بيان طبيعة الغبار فيما إذا كان غباراً طبيعياً أم ناتجاً عن أعمال المصنع.
  3. ورد في تقرير الخبرة أن الخبراء اطلعوا على تقرير الجمعية العلمية الملكية رغم أن ملف الدعوى لم يرد فيه ما يشير إلى وجود تقرير للجمعية العلمية الملكية .
  4. لم يرد في تقرير الخبرة طبيعة عمل مصنع الشركة المدعى عليها وما إذا كان هنالك أعمال تفجيرات وعمليات تصنيع كاملة أم لا، حيث لم يقم الخبراء بالكشف على المصنع والأعمال الجارية فيه .
  5. لم يرد في تقرير الخبرة أثر البنية الطبيعية للأرض في تكون الغبار على فرض وجوده وفقاً لما جاء في قرار النقض.

وعلى ضوء ذلك نجد بالإضافة إلى ما تقدم لم يفصح الخبراء عن وجود أو عدم وجود أي ظروف أو أسباب من شأنها إثارة الشكوك حول حيدتهم واستقلالهم وفقاً لنص المادة (83/3) من قانون أصول المحاكمات المدنية، كما لم يكن من بين الخبراء خبير بيئي وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في مثل هذه الدعوى (تمييز حقوق رقم (1132/2018 هيئة عامة) كما ذكر الخبراء أنهم اطلعوا على أسعار الأساس بالمنطقة وأسعار الأراضي المجاورة عند تقدير قيمة الأرض ولم يرفقوا عقود بيع لقطع مجاورة وسعر الأساس الذي استأنسوا به مما يجعل أسباب الطعن واردة على الحكم المطعون فيه وتوجب نقضه .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم وحيث أن إصرار محكمة الاستئناف في حكمها محل الطعن في غير محله، نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها للامتثال لحكم النقض وإجراء المقتضى القانوني .

قراراً صدر بتاريخ 5 جمادى الأولى  سنة 1441 هـ الموافق 31/12/2019

عضـــــــــــــــــو                       عضــــــــــــــــــو                القاضــــــــــــــي المترئس

عضـــــــــــــــــو                       عضــــــــــــــــــو               عضـــــــــــــــــو         

عضـــــــــــــــــو                           عضــــــــــــــــــو               عضـــــــــــــــــو