القرار رقم 7365 لسنة 2019 الصادر عن هيئة القاضي محمد متروك العجارمة - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

محكمة التمييز الأردنية                            المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها :  الحقوقية                                 وزارة العــدل    
رقم القضية:  7365/2019                                 القــرار

                   الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

                 الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

    عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد محمد متروك العجارمة

وعضوية القضاة السادة

"محمد طلال" الحمصي ، د.مصطفى العساف ، د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل

  د.فؤاد الدرادكة ، د.عيسى المومني ، جواد الشوا ، "محمد عمر" مقنصة.

 

المميـــز: وكيل إدارة قضايا الدولة  بالإضافة لوظيفته

المميز ضده:- سلطان حسين يحيى العطيوي (وآخرون).

                وكيلاهم المحاميان مأمون القطاطشة وعلي الربعي.

بتاريخ 15/10/2019 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف معان في الدعوى رقم (97/2019) تاريخ 22/9/2019 القاضي بعد اتباع النقض بموجب قرار محكمة التمييز (7049/2018) تاريخ 31/12/2018 بفسخ القرار المستأنف (الصادر عن محكمة بداية حقوق الطفيلة في الدعوى رقم (52 /2014) بتاريخ 17/3/2015) الذي قضى بالحكم بإلزام المدعى عليهما بدفع مبلغ عشرين ألف دينار وبالوقت ذاته الحكم بإلزام المدعى عليها المستأنفة بدفع مبلغ (9639) ديناراً مع الرسوم النسبية والمصاريف وحيث خسر كل منهما جزءاً من دعواه يتوجب عدم الحكم لأي من طرفي الدعوى بأتعاب محاماة والحكم بالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام.

وتتلخص أسباب التمييز بما يلي :-

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بالنتيجة التي توصلت إليها بإلزام الجهة المدعى عليها بدفع مبلغ (9639) ديناراً للمدعين مع الرسوم والمصاريف حيث خسر كل منهما جزءاً من دعواه مما يتوجب عدم الحكم لأي من طرفي الدعوى بأتعاب المحاماة والحكم بالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام.
  2. أخطأت محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة رغم أنه غير واضح ويشوبه الغموض ورغم الاعتراض عليه.
  3. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تأخذ ببينات ودفوع المستأنف ولم تبين الأسباب التي دعتها لطرحها جانباً.
  4. إن البينات المقدمة من وكيل المستأنف ضدهم غير كافية للحكم بقيمة المبلغ الوارد في القرار (السبب كما ورد في لائحة الطعن) .

لهذه الأسباب طلب المميز قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

الـقــرار

لدى التدقيــق والمداولة قانوناً نجد أن وقائعها تشير إلى أن المدعي سلطان حسني يحيى العطيوي وآخرين كانوا قد أقاموا هذه الدعوى بتاريخ 3/11/2014 والمسجلة لدى محكمة بداية حقوق الطفيلة تحت الرقم 52/2014 ضد المدعى عليها وزارة الأشغال العامة للمطالبة بالتعويض الناتج عن إنشاء طريق الطفيلة الدائري والمار بمحاذاة قطعة الأرض رقم 295 حوض العيس رقم 74 من أراضي الطفيلة نتيجة للاستملاك الذي حصل عليها  وذلك سنداً للوقائع الواردة في لائحة الدعوى .

نظرت محكمة الدرجة الأولى الدعوى على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 17/3/2015 أصدرت قرارها والمتضمن إلزام المدعى عليها بتأدية مبلغ 20000 دينار للمدعين وهو بدل نقصان قيمة الأرض موضوع الدعوى على أن يتم توزيعه كل حسب حصته في سند التسجيل وتضمين المدعى عليها كافة الرسوم والمصاريف ومبلغ 1000 دينار أتعاب محاماة والفائدة القانونية بواقع 9% تحسب بعد مرور شهر على تاريخ اكتساب الحكم الدرجة القطعية .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعى عليها فطعنت فيه باستئناف أصلي كما طعن فيه المدعون باستئناف تبعي حيث أصدرت محكمة استئناف معان قرارها رقم 851/2015 وجاهياً تاريخ 28/2/2016 والمتضمن فسخ القرار المستأنف وبالوقت ذاته الحكم بإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ 21289,770 ديناراً عن نقصان قيمة الأرض موضوع الدعوى وتضمين الجهة المدعى عليها الرسوم والمصاريف ومبلغ 1250 ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة في 5/11/2014 وحتى السداد التام .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المستأنفة أصلياً فطعنت فيه بالتمييز بتاريخ 3/3/2016 ضمن المدة القانونية .

وبتاريخ 26/5/2016 أصدرت محكمتنا قرارها رقم 1049/2016 والمتضمن نقض القرار المميز وجاء بقرار النقض ما يلي :

 (وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن الأسباب الأول والثالث والرابع والخامس وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم رد الدعوى لعدم الخصومة و/أو لعدم الإثبات .

وفي ذلك فإن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت في الدعوى أن المدعين قدموا سند التسجيل والمخططات الخاصة بقطعة الأرض وأن المدعى عليها قامت باستملاك في المنطقة لغاية فتح الطريق الدائري البديل لمحافظة الطفيلة ثم قامت بعد ذلك بأعمال مادية لفتح هذه الطريق وتعبيدها والمحاذية لقطعة الأرض موضوع الدعوى فيغدو من حق المدعين مخاصمة المدعى عليها ومطالبتها بالتعويض عن الأضرار التي أصابت قطعة الأرض والمتمثلة بنقصان القيمة عن هذه الأعمال خلافاً لما ورد بهذه الأسباب مما يستدعي ردها.

وعن باقي الأسباب وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالاعتماد على تقرير الخبرة والذي جاء مخالفاً للقانون والأصول .

وفي ذلك فإن محكمة الاستئناف كانت قد أجرت خبرة على قطعة الأرض بمعرفة ثلاثة خبراء لتقدير نقصان قيمة الأرض حيث قدم الخبراء تقريراً خطياً بخبرتهم .

ومن الرجوع إلى تقرير الخبرة نجد أنه قد خلا من بيان نسبة مساهمة طبيعة الأرض الطبوغرافية في حصول الضرر ونسبة استفادة قطعة الأرض من فتح الطريق ذلك أن الاجتهاد القضائي لمحكمتنا في العديد من الأحكام قد استقر في القضايا المماثلة على أن يراعي الخبراء الأمور السابقة وحسمها من مقدار التعويض لأن ذلك من العناصر الأساسية التي يجب مراعاتها وصولاً إلى تعيين مقدار التعويض عن الضرر الحاصل يضاف إلى ذلك خلو تقرير الخبرة من تحديد قياسات قطعة الأرض وعمق الضرر الأمر الذي كان يتعين على محكمة الاستئناف مراعاته ولما لم تفعل فإن قرارها يكون في غير محله وهذه الأسباب ترد عليه ويتعين نقضه)  .

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم 1226/2016 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 27/2/2017 أصدرت قرارها وجاهياً والمتضمن فسخ القرار المستأنف بالنسبة للسبب الثاني من حيث مقدار التعويض وإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ 21299,770 ديناراً عن حصص المدعين في قطعة الأرض وتضمين المدعى عليها كافة الرسوم والمصاريف ومبلغ 1200 دينار أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعى عليها / المستأنفة فطعنت فيه بالتمييز بتاريخ 19/3/2017 ضمن المدة القانونية .

وبتاريخ 30/5/2017 أصدرت محكمة التمييز قرارها رقم (1866/2017 ) والمتضمن نقض القرار المميز وجاء بقرار النقض ما يلي :

(وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن كافة أسباب التمييز وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالاعتماد على تقرير الخبرة والذي جاء مخالفاً للقانون والأصول ولا يفي بالغرض منه بالإضافة إلى ذلك فإن النتيجة التي توصلت إليها المحكمة لا تتوافق والبينات المقدمة في الدعوى .

وفي ذلك فإن محكمتنا وبموجب قرار النقض السابق كانت قد أعادت هذه الدعوى إلى محكمة استئناف معان منقوضة بعد مناقشتها للدفوع الواردة على تقرير الخبرة والتي أثارتها الطاعنة لدى محكمتنا وتوصلت إلى أن هذا التقرير أي تقرير الخبرة الذي اعتمدته محكمة الاستئناف يشوبه النقص وبالتالي لا يصلح لبناء حكم عليه لعدم تحديد الخبراء للمساحة المتضررة من قطعة الأرض وعدم بيان نسبة استفادة قطعة الأرض من فتح الطريق وبيان مساهمة طبيعة الأرض الطبوغرافية في حصول الضرر لأن العناصر السابقة تشكل الركائز الأساسية للوصول إلى تحديد مقدار التعويض عن الضرر المطالب به وأن محكمة الاستئناف وبعد النقض قامت بدعوة الخبراء الذين أجروا الكشف والخبرة التي كانت قد اعتمدتها لبناء حكمها عليها وكلفتهم بتقديم تقرير خبرة لاحق يراعي ما ورد بقرار النقض وأن الخبراء توصلوا في هذا التقرير إلى أن كامل مساحة قطعة الأرض موضوع الدعوى متضررة وأن فتح الطريق لا يدخل أية تحسينات على قطعة الأرض وأن طبيعة الأرض الطبوغرافية لم تساهم في حصول الضرر .

وحيث إن حكم النقض السابق يشير في مضمونه إلى أن تقرير الخبرة الذي اعتمدته محكمة الاستئناف لا يصلح لبناء الحكم لما اعتراه من النواقص والتي أشرنا إليها في حكم النقض السابق مما كان يتوجب على محكمة الاستئناف إجراء خبرة جديدة من قبل خبراء من أهل الدراية والاختصاص يراعى فيها ما ورد بقرار النقض السابق وصولاً إلى تعيين مقدار التعويض الذي يستحقه المدعون عن حصصهم في قطعة الأرض بالإضافة إلى ذلك فإن تقرير الخبرة اللاحق وما ورد فيه من بيانات حول مقدار الضرر والتحسينات وطبيعة الأرض الطبوغرافية وأثرها على مقدار التعويض لا يتفق مع المنطق والعقل إذ لا يعقل أن تكون قطعة الأرض موضوع الدعوى قد تضررت بالكامل ولا يعقل أيضاً أن تكون الطريق المارة بمحاذاة قطعة الأرض لم تدخل على قطعة الأرض أية تحسينات بالإضافة إلى طبيعة الأرض الطبوغرافية مما يتعين مراعاة ذلك وإجراء الخبرة المطلوبة ولما لم تفعل فإن قرارها يكون في غير محله وهذه الأسباب ترد عليه ويتعين نقضه .

قيدت الدعوى بعد النقض تحت الرقم 1619/2017 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وقررت اتباع النقض وبتاريخ 18/3/2018 أصدرت قرارها وجاهياً والمتضمن فسخ القرار المستأنف من حيث مقدار التعويض الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى والبالغ 21299,770 ديناراً للمدعين كل حسب حصته في سند التسجيل والحكم للمدعين بمبلغ 19160,793 ديناراً وتضمينها الرسوم والمصاريف ومبلغ ألف دينار أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعى عليها يمثلها وكيل إدارة قضايا الدولة فطعن فيه بالتمييز بتاريخ 19/3/2018 ضمن المدة القانونية .

وبتاريخ 4/6/2018 أصدرت محكمتنا قرارها رقم 2998/2018 والمتضمن :

( وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن كافة أسباب التمييز وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي خلصت إليها واعتمادها لتقرير الخبرة بعد النقض والذي جاء مخالفاً للقانون والأصول ولا يصلح لبناء حكم عليه .

وفي ذلك نجد أن محكمتنا كانت قد أعادت هذه الدعوى إلى محكمة استئناف معان منقوضة لغاية إجراء الكشف والخبرة بمعرفة خبراء من أهل الدراية والخبرة لتقدير الضرر الذي أصاب قطعة الأرض موضوع الدعوى نتيجة فتح وتعبيد الطريق المارة بمحاذاتها بتاريخ الإنجاز الفعلي للمشروع وأن محكمة الاستئناف أجرت خبرة جديدة بمعرفة خمسة خبراء والذين قدموا تقريراً خطياً بخبرتهم وتم اعتماده من قبل محكمة الاستئناف وأصدرت قرارها المميز بالاستناد إليه .

ومن الرجوع إلى هذه الخبرة وتدقيق مشتملاتها بما في ذلك الصور الفوتوغرافية المرفقة يتبين أن قطعة الأرض موضوع الدعوى والتي اخترقتها الطريق المارة من خلالها ذات طبيعة جبلية وجرت فيها أعمال قص لغايات فتح الطريق وتعبيدها وأن الطريق مدار البحث وقبل تعبيدها وفتحها لم تكن من قبل مفتوحة أو معبدة مما لا يعقل معه عندما تكون طبيعة الأرض الطبوغرافية في مثل ذلك ألا تساهم هذه الطبيعة في حصول الضرر الذي نتج عن فتح الطريق وتعبيدها كما لا يعقل أن لا تستفيد قطعة الأرض من فتح الطريق وتعبيدها بعد أن كانت غير مخدومة بمثل مواصفات هذه الطريق .

ولما كانت محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع وخبيرة الخبراء كما جرى عليه الفقه والقضاء مما كان يتوجب عليها توجيه الخبراء بكل دقه وموضوعية إلى مناط التقدير السليم والذي يتوافق مع المنطق والعقل والذي يتوافق بالنتيجة مع القانون وصولاً إلى تقدير التعويض عن الضرر المطالب به في هذه الدعوى بصورة عادلة الأمر الذي يتعين على محكمة الاستئناف إجراء خبرة جديدة من أهل الدراية والمعرفة تراعي ما سبق بيانه ولما لم تفعل فإن قرارها يكون في غير محله وهذه الأسباب ترد عليه ويتعين نقضه .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني)  .

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم 1266/2018 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 30/9/2018 قررت عدم اتباع النقض والإصرار على قرارها السابق وأصدرت قرارها وجاهياً بذات مضمون قرارها قبل النقض .

لم يقبل وكيل إدارة قضايا الدولة بقضاء محكمة الاستئناف فطعن فيه تمييزاً بتاريخ 4/10/2018 .

وبتاريخ 31/12/2018 أصدرت محكمتنا قرارها رقم (7049/2018) المتضمن نقض القرار المميز وجاء بقرار النقض ما يلي:-

(وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن كافة أسباب التمييز وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي خلصت إليها وفي اعتماد تقرير الخبرة الذي جاء مخالفاً للقانون والأصول ولا يصلح لبناء حكم عليه .

وفي ذلك فإن محكمتنا وبهيئتها العادية كانت قد أعادت هذه الدعوى إلى محكمة الاستئناف منقوضة لغاية إجراء خبرة جديدة مستوفية لشروطها القانونية كون الخبرة التي اعتمدتها محكمة الاستئناف لم تراعِ فيها أن الطريق التي اخترقت قطعة الأرض موضوع الدعوى ذات طبيعة جبلية وجرت فيها أعمال قص وإن هذه الطريق لم تكن مفتوحة أو معبدة من قبل ، مما لا يعقل معه ألاّ تساهم طبيعة الأرض الطوبوغرافية في حصول الضرر من فتح الطريق وتعبيدها والقول إن هذه النسبة ( صفر) كما لا يعقل ألاّ يساهم فتح الطريق وتعبيدها بحصول تحسينات تذكر على قطعة الأرض والقول أن فتح الطريق وتعبيدها لم يحدث أية تحسينات على قطعة الأرض وإنما أدى إلى نقصان قيمتها مما اقتضى من محكمتنا نقض القرار المميز وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لإجراء خبرة جديدة تصلح لبناء حكم عليها على أن تأخذ بعين الاعتبار أنها محكمة موضوع وخبيرة الخبراء كما جرى عليه الفقه والقضاء ولها وفي ضوء ذلك أن توجه الخبراء بكل دقة وموضوعية إلى مناط التقدير السليم للضرر والذي يتوافق مع العقل والمنطق والذي يتوافق بالنتيجة مع القانون وصولاً إلى تقدير قيمة الضرر المطالب بها بصورة عادلة إلا أن محكمة الاستئناف لم تمتثل لهذا القرار وأصرت على قرارها المنقوض .

وحيث إنه من المقرر قانوناً بمقتضى المادة (202 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية أن المشرع أعطى حرية الاختيار لمحكمة الاستئناف في اتباع النقض من عدمه في القرار الصادر عن الهيئة العادية لمحكمة التمييز وبذلك فإن محكمة الاستئناف بعدم اتباعها لقرار النقض الصادر عن محكمة التمييز بهيئتها العادية والإصرار على قرارها السابق لا تكون قد خالفت القانون وإنما تكون قد مارست خيارها المنصوص عليه في المادة المذكورة .

وحيث إن الخلاف بين الهيئة العادية لمحكمة التمييز ومحكمة الاستئناف يدور حول مدى صلاحية الخبرة التي اعتمدتها محكمة الاستئناف في إصدار قرارها السابق محل الإصرار تفي بغرضها لبناء حكم عليها أم لا.

ومن الرجوع إلى الخبرة مدار البحث نجد أن محكمة الاستئناف كانت قد أجرت خبرة جديدة بمعرفة خمسة خبراء امتثالاً لقرار النقض رقم 1866/2017 تاريخ 29/11/2017 لتقدير الأضرار التي أصابت قطعة الأرض نتيجة أعمال فتح وتعبيد الطريق موضوع الدعوى وإن الخبراء قدموا تقريراً خطياً بخبرتهم .

ومن الرجوع إلى هذه الخبرة وتدقيق مشتملاتها نجد أن الخبراء توصلوا في البند الثالث منها في وصفهم للضرر المحدث نتيجة فتح الطريق وتعبيدها موضوع الدعوى إلى القول أنه " ونتيجة لفتح الشارع الرئيسي الدائري والمنفذ حالياً على أرض الواقع والمعبد بخلطة إسفلتية فقد انخفض جسم الطريق عن منسوب مستوى الأرض بمعدل 13 م تقريباً مما أدى إلى صعوبة بالغة في الوصول إلى قطعة الأرض لغايات الانتفاع منها على الشكل الأمثل سواء في البناء أو الزراعة ....." وإن قطعة الأرض بذلك تكون قد تضررت بكامل مساحتها وبواقع 100% وأضاف الخبراء أن طبيعة الأرض الطوبوغرافية لم تساهم بأية نسبة في حصول الضرر كون الميولات في القطعة أغلبها بالاتجاه المعاكس لاتجاه الشارع المستملك كما أن هذه الميولات بسيطة وحقيقية وإن الطريق لم تحدث أية تحسينات على قطعة الأرض وإنما أدت إلى نقصان قيمتها .

مما سبق يتبين أن الطريق مدار البحث لم تكن مفتوحة أو معبدة من قبل وإنما قامت المدعى عليها بفتحها وتعبيدها وإن قطعة الأرض ذات طبيعة جبلية فإن الواقع والمنطق السليم للأمور أن لا تكون هناك أية مساهمة لطبيعة الأرض الطوبوغرافية في حصول الضرر على فرض الثبوت كما لا يعقل ألا تستفيد قطعة الأرض من فتح الطريق المارة بمحاذاتها بعد أن كانت غير مخدومة بمثل مواصفات هذه الطريق من فتح لها وتعبيدها بخلطة إسفلتية وليس كما جاء بتقرير الخبرة خلطة إسمنتية .

يضاف إلى ذلك أن الاجتهاد القضائي استقر على أن التعويض عن المساحة المتضررة يكون لعمق محدد وبحدود لا تتجاوز 30 م على طول واجهة الشارع وبذلك لا تكون كامل مساحة قطعة الأرض متضررة وإنما بحدود معينة ذلك على فرض الثبوت مما كان يستوجب على محكمة الاستئناف وعلى ضوء ما سبق بيانه أن تجري خبرة جديدة بمعرفة أهل الدراية والخبرة والاختصاص لبيان الأضرار التي أصابت قطعة الأرض موضوع الدعوى من فتح وتعبيد الشارع موضوع الدعوى وتقدير قيمة هذه الأضرار على فرض الثبوت وفق ما جرى عليه الاجتهاد القضائي في القضايا المماثلة وعليها باعتبارها محكمة موضوع وخبيرة الخبراء كما جرى عليه الفقه والقضاء أن توجه الخبراء بكل دقة وموضوعية إلى أسس التقدير السليم للضرر والذي يتوافق مع المنطق والعقل وبالنتيجة يتوافق مع القانون وصولاً إلى تقدير التعويض عن الضرر المدعى به في هذه الدعوى بصورة عادلة وسليمة ولما لم تفعل فإن قرارها يكون مخالفاً للقانون والأصول وبالتالي يكون قرارها بالإصرار على القرار السابق في غير محله وهذه الأسباب ترد على القرار المطعون فيه ويتعين نقضه .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر بالأكثرية نقض القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها للامتثال لقرار النقض وفق ما سبق بيانه ومن ثم إصدار القرار اللازم) .

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم (97/2019) ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وقررت اتباع النقض وبتاريخ 22/9/2019 أصدرت قرارها وجاهياً والمتضمن فسخ القرار المستأنف وبالوقت ذاته إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (9639) ديناراً مع الرسوم النسبية والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام دون الحكم لأي من الطرفين بأتعاب محاماة كون كل منهما خسر جزءاً من دعواه والحكم بالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام.

لم يلق الحكم الاستئنافي المذكور قبولاً لدى وكيل إدارة قضايا الدولة فطعن فيه تمييزاً بتاريخ 15/10/2019 ضمن المدة القانونية.

وعن كافة أسباب الطعن وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي خلصت إليها واعتماد تقرير الخبرة الذي جاء مخالفاً للقانون والأصول ولا يفي بالغرض المطلوب منه.

وفي ذلك فإن محكمتنا وبموجب قرارها السابق كانت قد أعادت هذه الدعوى إلى محكمة الاستئناف منقوضة لغاية إجراء خبرة جديدة على قطعة الأرض موضوع الدعوى من أهل الدراية والمعرفة والاختصاص لبيان الأضرار التي أصابت قطعة الأرض من فتح وتعبيد الشارع المار بمحاذاتها على فرض الثبوت وفق ما جرت عليه اجتهادات محكمتنا في القضايا المماثلة وإن محكمة الاستئناف وبعد أن أعيدت إليها الدعوى قررت اتباع النقض وأجرت الخبرة المطلوبة بمعرفة خمسة خبراء من أهل الدراية والاختصاص والذين قدموا تقريراً خطياً بخبرتهم ضم إلى محاضر الدعوى.

ومن الرجوع إلى هذه الخبرة وتدقيق مشتملاتها وبياناتها نجد أن الخبراء قاموا بوصف قطعة الأرض موضوع الدعوى وصفاً دقيقاً وشاملاً من حيث موقعها وتضاريسها وقربها وبعدها من الخدمات العامة وتربتها ومدى قابليتها للزراعة والبناء وذكروا أن المدعى عليها قامت بفتح شارع بمحاذاة قطعة الأرض وأن قطعة الأرض قد تضررت نتيجة فتح هذا الشارع بمساحة منها (3242م2) وقدروا نقصان قيمة الجزء المتضرر من قطعة الأرض بتاريخ الإنجاز الفعلي للمشروع وقبل حصول الضرر وقيمته بعد حصول الضرر وبالتاريخ ذاته وقدروا نسبة مساهمة طبيعة الأرض الطبوغرافية في حصول الضرر ونسبة مساهمتها في تحسين الأرض بواقع (10%) لكل منهما وخلصوا إلى أن نقصان قيمة المساحة المتضررة من قطعة الأرض وفقاً للبيانات السابقة هي (9639) ديناراً وأرفقوا مخططاً (كروكي) بينوا فيه المساحة المتضررة من قطعة الأرض المحاذية للشارع وبما أن هذه الخبرة مستوفية لشرائطها القانونية المنصوص عليها في المادة (83) من قانون أصول المحاكمات المدنية ولم يرد عليها أي مطعن قانوني جدي ينال منها أو يجرحها فإن اعتمادها من محكمة الاستئناف لبناء حكم عليها لا يخالف القانون وعليه فإن هذه الأسباب لا ترد على القرار المميز ويتعين ردها.

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر رد التمييز وتأييد القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها.

قراراً صدر بتاريخ 5 جمادى الأولى سنة 1441هـ الموافق 31/12/2019م.

   عضـــــــو                           عضـــــــو                            القاضـــي المترئس

 عضـــــــو                       عضـــــــو                      عضـــــــو

 عضـــــــو                      عضـــــــو                      عضـــــــو