القرار رقم 1990 لسنة 2020 الصادر عن هيئة القاضي محمد طلال الحمصي - هيئة خماسية

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية



محكمة التمييز الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها: الحقوقية وزارة العــدل
رقم القضية: 1990/2020 القــرار

الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم


الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد "محمد طلال" الحمصي

وعضوية القضاة السادة

أحمد طاهر ولد علي , عصام أبو غنيم , "محمد عمر" مقنصة , حسني الربيع



المميزة : سلطة المياه .

وكيلها المحامي بلال نصيرات .

المميز ضده : شاكر يوسف دندن العتوم .

وكيله المحامي محمد المومني .



بتاريخ 12/2/2020 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف إربد في الدعوى رقم (306/2020) بتاريخ 26/1/2020والمتضمن بعد النقض رقم 4760/2019 تاريخ 20/10/2019 رد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف الصادر عن محكمة بداية حقوق جرش في الدعوى رقم (231/2017) والمتضمن إلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ (14644) ديناراً مع الرسوم والمصاريف ومبلغ (733) ديناراً أتعاب محاماة والفائدة القانونية بواقع (9%) من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام) وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف عن مرحلتي التقاضي ومبلغ (25) ديناراً أتعاب محاماة عن المرحلة الاستئنافية كونه لا يجوز أن يسوئ مركز الطاعن بالطعن المقدم منه .

وتتلخص أسباب التمييز بما يلي :

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعد رد الدعوى لعدم الاستحقاق الواقعي والقانوني ولكونها مقامة على غير خصم .

  2. أخطأت محكمة الاستئناف حيث إن نبع عين المغاسل لا تستخدم من قبل سلطة المياه أو شركة مياه اليرموك ولم تكن هذه المياه تستخدم لغايات تزويد المواطنين بها حيث إنها ملوثة وغير آمنة وغير صالحة للشرب .

  3. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم رد الدعوى لعدم الرجوع إلى الكتاب الموجه لأمين عام سلطة المياه من مدير وحدة مراقبة المياه الجوفية والمبين فيه مصدر آبار السلطة المستعملة لأغراض الشرب .

  4. وبالتناوب مع عدم التسليم بمطالبة المدعي الغير محقة والتي لا تستند إلى القانون لم يثبتوا الضرر حتى يحق لهم المطالبة بالتعويض .

  5. إن تقديرات الخبراء جاءت جزافية ومبالغ فيها ولا تستند إلى أسس ومعايير فنية .

لهذه الأسباب يطلب وكيل المميزة قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً .

القـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

بالتدقيق والمداولة القانونية تجد المحكمة أن وقائع هذه الدعوى تتلخص بأنه:

بتاريخ 15/11/2017 أقام المدعي شاكر يوسف دندن عتوم وكيله المحامي محمد المومني الدعوى البدائية الحقوقية رقم (231/2017) بمواجهة المدعى عليها سلطة المياه وذلك لمطالبتها بالتعويض عن بدل العطل والضرر والفائدة القانونية مقدراً دعواه بمبلغ (7010) دنانير لغايات الرسوم وعلى سند من القول:

1- يملك المدعي قطعة الأرض رقم (79) حوض رقم (21) المغاسل نوع ملك/ سقي من أراضي جرش قرية سوف والبالغة مساحتها (3) دونم و (661 م2) والمفرزة من قطعة الأرض رقم (56) حوض رقم (21) المغاسل كما يملك المدعي قطعة الأرض رقم (77) حوض (21) المغاسل من أراضي جرش قرية سوف نوع الملك والبالغة مساحتها (1) دونم و(533 م2) والمفرزة من قطعة الأرض رقم (70) حوض رقم (21) المغاسل.

2- قامت الجهة المدعى عليها بالاستيلاء على مصدر ( نبع عين المغاسل) التي كانت تروي قطعة أرض المدعي وقامت المدعى عليها باستغلال مياه النبع وبيعها كمياه شرب مما حرم قطعتي أرض المدعي من حق السقاية المقررة.

3- لقد تضرر المدعي نتيجة استيلاء الجهة المدعى عليها على مصدر مياه السقاية ( نبع عين ماء المغاسل) التي تسقي أرض المدعي وألحق فعل الجهة المدعى عليها بأرض المدعي ضرراً بالغاً حيث تحولت من أرض سقي إلى أرض بعل وبالتالي نقصان قيمتها الأمر الذي يستوجب إقامة هذه الدعوى.

وطالبوا بالنتيجة إلزام المدعى عليها بدفع بدل التعويض عن نقصان قيمة الأرض موضوع الدعوى وما عليها من أشجار بمعرفة أهل الخبرة وتضمين الجهة المدعى عليها الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة والفائدة القانونية.

سارت محكمة الدرجة الأولى بإجراءات التقاضي وبتاريخ 14/6/2018 أصدرت قرارها والمتضمن إلزام المدعى عليها بأن تدفع مبلغ (14644) ديناراً للمدعي وتضمينها الرسوم والمصاريف ومبلغ (733) ديناراً أتعاب محاماة والفائدة القانونية 9% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام كما أصدرت بتاريخ 28/6/2018 قرارها في الطلب رقم (48/2018) والمتضمن إلزام المستدعى ضدها بدفع مبلغ (6132) ديناراً مع الرسوم والمصاريف ومبلغ (307) دنانير أتعاب محاماة والفائدة القانونية.

لم ترتضِ المدعى عليها بذلك القرار فطعنت فيه استئنافاً بلائحتين تضمنتا أسبابهما كما تقدم وكيل المستأنف ضده بلائحة جوابية.

نظرت محكمة الاستئناف الدعوى تدقيقاً وأصدرت بتاريخ 25/9/2018 قرارها المتضمن ما يلي:

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر وعملاً بالمادة (188) من قانون أصول المحاكمات المدنية رد الاستئنافين موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وتضمين الجهة المستأنفة مبلغ خمسة وعشرين ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة وإعادة الأوراق إلى مصدرها.

لم تقبل المدعى عليها بالحكم الاستئنافي المذكور فطعنت فيه تمييزاً .

وبتاريخ 4/4/2019 أصدرت محكمتنا قرارها رقم 8914/2018 المتضمن نقض القرار وجاء بقرار النقض ما يلي :

( وعن أسباب التمييز كافة والمنصبة على تخطئة محكمة الاستئناف بعدم رد الدعوى لانعدام الخصومة وإن نبع المغاسل لا يستعمل من قبل سلطة المياه أو مياه اليرموك وإن هذه المياه ملوثة وأن مصدر مياه السلطة المستعملة لغايات الشرب هو الواقع على نبع طبقة ناعور وأن نبع عين المغاسل هو طبقة الحمر وإن المميز ضده لم يثبت الضرر حتى يحق له المطالبة بالتعويض كما أن تقدير الخبراء جاء في غير محله ومخالفاً للقانون .

وفي ذلك نجد أن سلطة المياه كانت قد دفعت دعوى المدعي بأنه لا علاقة لسلطة المياه بنبع المغاسل وأنها لا تستعمل مياه هذا النبع إطلاقاً وقدمت بيناتها المتمثلة بالكتاب الصادر عن مدير إدارة مياه محافظتي جرش وعجلون إلى قاضي محكمة بداية جرش رقم (1/3/11/447) تاريخ 2/5/2018 والموجه من أمين عام سلطة المياه إلى محامي السلطة والمرفق به كتاب مدير وحدة مراقبة المياه الجوفية بلا تاريخ أو رقم والموجه إلى أمين عام سلطة المياه والمتضمن أن مصدر آبار السلطة المستعملة لأغراض الشرب والواقعة على النبع هو طبقة ناعور وإن مصدر مياه نبع عين المغاسل هو طبقة الحمر والتي تقع حسب التصنيف الجيولوجي فوق طبقة ناعور لذلك لا يمكن أن تؤثر آبار السلطة على تصريف نبع عين المغاسل بالمطلق.

وحيث إن محكمة استئناف إربد اعتمدت الخبرة الجارية أمام محكمة البداية وبالرجوع إلى تقرير الخبرة الجارية أمام محكمة البداية نجد أنها جرت من خبيرين أحدهما مساح والثاني مهندس زراعي وإن محكمة البداية لم تقم بتسليم الخبراء كافة الكتب الصادرة عن سلطة المياه لاطلاعهم عليها خاصة وأن السلطة تنفي مسؤوليتها عن وقف مسيل مياه عين المغاسل وأنها لم تضع يدها عليها ولا تستغلها كما هو وارد في الكتب المبرزة من سلطة المياه وأن النبع يتأثر بالهطول المطري والموسمي من حيث زيادة المنسوب أو قلته وعليه كان على الخبراء بيان السبب الذي أوقف المياه في القناة التي تغذي قطعة الأرض وعليه فإن هذه الخبرة جاءت مخالفة لنص المادة 83 من قانون أصول المحاكمات المدنية ويتعين على محكمة الاستئناف ولغاية الوقوف على صحة الخصومة أن تجري خبرة جديدة بمعرفة خبراء أكثر دراية ومعرفة على أن يكون من ضمنهم خبير في علوم الأرض (جيولوجي ) مع مراعاة إفصاح الخبراء فيما يتعلق بخبرتهم واستقلالهم وفقاً للمادة 83/3 أصول مدنية وفي ضوء الملاحظات التي أوردناها على تقرير الخبرة مما يستوجب نقض القرار المطعون فيه لورود هذه الأسباب عليه (انظر تمييز حقوق هيئة عامة (6314/2018) تاريخ 17/3/2019).

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها) .

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة استئناف إربد تحت الرقم 3556/2019 ثم نظرت فيها على النحو المبين بمحاضرها وقررت اتباع النقض وبتاريخ 29/5/2019 أصدرت قرارها رقم 3556/2019 وقد تضمن :

لهذا وتأسيساً على ما تقدم وعملاً بأحكام المادة 188 من قانون أصول المحاكمات المدنية تقرر المحكمة رد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف عن مرحلتي التقاضي ومبلغ 25 ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة كونه لا يجوز تسوئ مركز الطاعن بالطعن المقدم منه وحده عملاً بالمادة 169/3 من قانون أصول المحاكمات المدنية وإعادة الأوراق إلى مصدرها .

لم تقبل المدعى عليها سلطة المياه بالقرار الصادر فطعنت فيه تمييزاً وبتاريخ 20/10/2019 أصدرت محكمتنا قرارها رقم (4760/2019) المتضمن نقض القرار وجاء بقرار النقض ما يلي :

وتجد محكمتنا أنها وبقرارها السابق رقم 8914/2018 تاريخ 4/4/2019 كانت قد قررت نقض القرار للأسباب التي ذكرتها فنحيل إليها لعدم التكرار والإطالة وإعادتها إلى محكمة الاستئناف لإجراء خبرة جديدة بمعرفة خبراء أكثر دراية ومعرفة وعلى أن يكون من ضمنهم خبير في علوم الأرض ( جيولوجي ) مع مراعاة الخبراء بالإفصاح فيما يتعلق بخبرتهم واستقلالهم وفقاً للمادة 83/3 أصول مدنية وبيان السبب الذي أوقف المياه في القناة التي تغذي قطعتي الأرض .

وحيث نجد أن الخبراء لم يقوموا بالإفصاح سواء في محضر المحاكمة أو بكتاب منفصل عن وجود أو عدم وجود أي ظروف أو أسباب من شأنها إثارة شكوك حول حيدتهم أو استقلالهم وإذا ثبت عدم صحة هذا الإفصاح أو في حال عدم تقديمه يبطل التقرير وحيث إن ما جاء بالمادة 83/3 من قانون أصول المحاكمات المدنية هو نص آمر لتعلقها بالنظام العام وللمحكمة إثارته من تلقاء نفسها في أي مرحلة من مراحل الدعوى وكذلك الأمر بالنسبة لأطراف الدعوى ولا يجوز للمحكمة تجاوزه ومخالفته وعليـــــــــــــــــــــه فإن تقرير الخبرة يكون باطلاً وغير منتج لآثاره القانونية ( انظر تمييز حقوق 2285/2019 تاريخ 8/5/2019 ) .

كما تجد محكمتنا أن الاجتهاد القضائي لمحكمة التمييز ذهب منذ صدور قرار الهيئة العامة رقم 698/2016 تاريخ 20/10/2016 إلى عدم جواز انتخاب خبراء كمقدرين عقاريين من غير المسجلين وفقاً لأحكام نظام تسجيل المقدرين العقاريين واعتمادهم رقم 81 لسنة 2004 الصادر بموجب المادة (4) من قانون تنظيم مهنة المساحة والمكاتب العقارية وتعديلاته رقم 38 لسنة 1980 إعمالاً لنص المادة 7/أ من هذا النظام .

وحيث لم يرد في أوراق الدعوى ما يشير إلى تثبت محكمة الاستئناف من أن الخبراء الذين أجروا الخبرة لديها وبمعرفتهم واستندت إليها المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه في حكمها هم من الخبراء المسجلين وفقاً لأحكام هذا النظام (بخصوص الخبير والمقدر العقاري ) الأمر الذي يتوجب معه نقض القرار المميز للتثبت من ذلك .

وفي ضوء ما تقدم وحيث إن محكمة الاستئناف لم تفعل ذلك فيكون قرارها المميز مخالفاً للأصول والقانون ومستوجباً النقض لورود هذه الأسباب عليه .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني) .

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة استئناف إربد تحت الرقم (306/2020) ثم نظرت فيها على النحو المبين بمحاضرها وقررت اتباع النقض وبتاريخ 26/1/2020أصدرت قرارها رقم (306/2020) قضت فيه برد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف عن مرحلتي التقاضي ومبلغ 25 ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة كونه لا يجوز أن تسوئ مركز الطاعن بالطعن المقدم منه وحده عملاً بالمادة (169/3) من قانون أصول المحاكمات المدنية.

لم ترتضِ المدعى عليها بالحكم الصادر عن محكمة استئناف إربد المشار إليه فطعنت فيه تمييزاً بتاريخ 12/2/2020 ضمن المدة القانونية تطلب نقضه للأسباب الواردة بلائحة الطعن .

وتبلغ وكيل المميز ضده لائحة التمييز إلا أنه لم يقدم لائحة جوابية .

وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن السببين الأول والثاني وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف بعدم رد الدعوى لانعدام الخصومة ولكونها مقامة على غير خصم وأن نبع المغاسل لا يستعمل من قبل سلطة المياه أو شركة اليرموك وهو غير صالح للشرب .

وفي الرد على ذلك وحيث نجد أن محكمتنا سبق لها وأن ردت على ذلك في قرارها رقم (4760/2019) تاريخ 20/10/209 وتوصلت إلى توافر الخصومة فنحيل إليه منعاً للتكرار والإطالة مما يتعين الالتفات عن هذين السببين وردهما .

وعن السببين الثالث والرابع وحاصلهما تخطئة محكمة الاستئناف بعدم رد الدعوى لعدم الرجوع إلى الكتاب الموجه من مدير وحدة مراقبة المياه الجوفية لأمين عام سلطة المياه المبين فيه أن مصدر آبار السلطة المستعملة لأغراض الشرب والواقعة أعلى النبع هو طبقة ناعور وأن مصدر مياه نبع عين المغاسل هو طبقة الحمر وعدم إثبات الضرر من المميز ضده حتى يحق له المطالبة بالتعويض .

وفي الرد على ذلك نجد عدم صحة ما جاء بهذين السببين ذلك أن الثابت من خلال بينات المدعى عليها (المميزة) بالكتاب رقم (3/7/2842) تاريخ 2/5/2018 وهو التقرير الفني المنظم من قبل مدير وحدة مراقبة المياه الجوفية في وزارة المياه والري قيام المدعى عليها بحفر عدة آبار أعلى الوادي والتي تبعد عن النبع مسافة ما بين (1,5 -2 كم ) مما يسبب عدم تدفق المياه لنبع عين المغاسل مما أدى إلى منع تدفق المياه إلى أرض المدعي وحرمان الأرض العائدة للمدعي من حق السقاية وإلحاق الضرر بها .

كما تجد محكمتنا أن الثابت من خلال تقرير الخبرة المقدم في الدعوى أن مياه عين المغاسل التي تسقى منها قطعتي الأرض موضوع الدعوى تتدفق منها المياه نتيجة التقاء سطح المياه الجوفي للطبقة الحاملة للمياه مع سطح الأرض مرتبطة بالطبقات الجيولوجية الأخرى الحاملة للمياه ولوجود صدوع رئيسية متجهة من الغرب إلى الشرق وشقوق وكسور في الطبقات المختلفة وهذه الصدوع ناتجة عن العمليات التكوينية والأنشطة الزلزالية المستمرة في المنطقة منذ زمن بعيد منها العميق والسحيق ممثلة بمسار الوديان في المنطقة كما في وادي سوف ولذلك فإن التغذية الشتوية لمياه الأمطار للينابيع والآبار الجوفية المحفورة والينابيع واحدة فإن الضخ المستمر من الآبار الجوفية يؤدي إلى هبوط مستوى المياه الديناميكي في الآبار مما يؤدي إلى تقليل الضغط للطبقة البيزو متري للطبقة الحاملة لمياه النبع وإن حفر الآبار الجوفية في المنطقة أثر تأثيراً مباشراً على تدفق الينابيع ومنها نبع عين المغاسل .

كما أن كون المياه صالحة للشرب أم لا فلا علاقة له بموضوع الدعوى ولا يؤثر فيها لكون تلك المياه صالحة للزراعة والري لمزروعات أرض المدعي التي تحولت من سقي إلى بعل .

وحيث إن الثابت وفقاً لأحكام المادة السادسة من قانون سلطة المياه رقم (18) لسنة 1988 وتعديلاته أنها المسؤولة عن المياه والمحافظة عليها وإن الجهة المدعى عليها قامت بحفر بئر ارتوازي لأغراض مياه الشرب في أعلى النبع ( طبقة ناعور) والذي يتغذى منه نبع عين المغاسل والذي تسقى منه أرض المدعي مما أدى إلى تدفق المياه من النبع لأرض المدعي وألحق الضرر بها وفقاً لأحكام المادتين (256 و257) من القانون المدني وتكون سلطة المياه ( المميزة) ملزمة بالتعويض عن الأضرار اللاحقة بأرض المدعي كون كل إضرار يلحق بأملاك الآخرين نتيجة عدم وصول المياه إليها فتكون السلطة مسؤولة عن الضرر .

وحيث أثبتت الجهة المدعية أن هناك فعل من قبل الجهة المدعى عليها وقد ألحق بها ضرر وعلاقة سببية ما بين الفعل والضرر فتكون السلطة ملزمة بالتعويض .

وحيث توصلت محكمة الاستئناف إلى ذلك فإن قرارها واقع في محله وبالتالي فإن هذين السببين لا يردان على القرار المطعون فيه ويستوجبان الرد .

وعن السبب الخامس وحاصله أن تقديرات الخبراء جزافية ومبالغ بها ولا تستند إلى أسس ومعايير فنية .

وفي ذلك نجد أنه وفق أحكام المادة (2/6) من قانون البينات أن الخبرة بينة وإن قبول البينة واعتماد تقرير الخبرة من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من صلاحية في قبول البينة وتقديرها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز ما لم يكن تقرير الخبرة مشوباً بالغموض ومخالفاً القانون .

ومحكمتنا من الرجوع لأوراق الدعوى يتبين أن محكمة الاستئناف قامت بإجراء خبرة تحت إشرافها بمعرفة ثلاثة خبراء من أهل المعرفة والاختصاص ( خبير مهندس زراعي ومهندس جيولوجي ومساح ومقدر عقاري) وقدموا تقريراً خطياً اشتمل على وصف لقطعتي الأرض من حيث طبيعتهما وأحكام تنظيمهما وإنهما صالحتين للزراعة والبناء وأنه يقع على حدهما الشمالي وادي سوف ومجرى قناة اسمنتية وكانت تروى القطعتين بالمياه منهما .

وإن قيام المدعى عليها بالاستيلاء على مصادر السقاية ( عين المغاسل) مما ألحق الضرر بقطعتي الأرض وتدني قيمتهما ويؤدي إلى الضرر بالمزروعات والأشجار وخفض نموها وإنتاجها لوجود نقص في ري هذه المزروعات وطبيعة القطعة تحتاج إلى ري تكميلي وخاصة في الأشهر التي لا يوجد فيها أمطار .

وفي ضوء ذلك قام الخبراء بتقدير قيمة المتر المربع الواحد من قطعتي الأرض قبل وقوع الضرر بمبلغ عشرة دنانير وقيمتها بعد وقوع الضرر بمبلغ ستة دنانير وعليه فتكون قيمة الضرر بمبلغ أربعة دنانير للمتر المربع الواحد كما قام الخبراء بإجراء العملية الحسابية للتوصل لقيمة التعويض .

وحيث إن الخبراء قد بينوا الأسس والاعتبارات التي اعتمدوا عليها في تقدير التعويض وجاء التقدير متفقاً وأحكام المادة (83) من الأصول المدنية فإنه يعتبر بينة قانونية صالحة لبناء الحكم عليه وإن اعتماد محكمة الاستئناف للتقرير موافق للأصول والقانون وقرارها بالاستناد إليه واقع في محله مما يجعل ما جاء بهذا السبب لا يرد على القرار المميز فنقرر رده .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر رد التمييز موضوعاً وتأييد القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها .

قراراً صدر بتاريخ 9 ذو القعدة سنة 1441 هـ الموافق 30/6/2020م

عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــــــــــــــــو القاضـــــــــــــــــــي المترئــــــــــــــــــس




عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــــــــــــــــــو





رئيس الديـــوان



دقـــــق / ن.د

ن.د 1990/2020 h