القرار رقم 1166 لسنة 2020 الصادر عن هيئة القاضي محمد متروك العجارمة - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

 

محكمة التمييز الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها : الحقوقية وزارة العــدل
رقم القضية: 1166/2020 القــرار

الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم

 

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد محمد متروك العجارمة

وعضوية القضاة السادة

محمد طلال الحمصي ، د. مصطفى العساف ، د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل

د. فؤاد الدرادكة ، د. عيسى المومني ، محمد البدور ، فايز بني هاني.

 

 

المميزة : شركة أوبتما لإدارة الخدمات والنفقات التأمينية الطبية ذ.م.م / المفوض بالتوقيع عنها الشريك فضل سليم محمد الحردان.

وكلاؤها المحامون محمود الشريدة وبشار العقرباوي وهبة العقرباوي

 

المميز ضده: إياد حمدي حسن الرزي.

وكيلاه المحاميان محمد أبو زناد وعلي عدنان علي.

 

بتاريخ 13/ 1/ 2020 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف عمان في الدعوى رقم (12667/2019) بتاريخ 31/10/2019 القاضي بعد اتباع النقض بموجب قرار محكمة التمييز رقم (5634/2018) تاريخ 28/2/2019 بقبول الاستئناف موضوعاً وفسخ الحكم المستأنف (الصادر عن محكمة بداية حقوق شمال عمان في الدعوى رقم (84/2014) تاريخ 29/4/2014) وفيما قضى به والحكم مجدداً بإلزام المدعى عليهما / المستأنف عليهما بمبلغ (13865,170) ديناراً للمدعي / المستأنف مع الرسوم والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ومبلغ (750) ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي.

 

وتتلخص أسباب التمييز في الآتي :-

  1. أخطأت محكمة الاستئناف في قرارها إذ جاء مخالفاً للأصول والقانون ويشوبه القصور في التعليل والتسبيب.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم رد دعوى المدعي / المستأنف كون الدعوى مقامة بصورة مخالفة للأصول والقانون وسابقة لأوانها وغير مدفوع عنها الرسوم القانونية حيث لم تراعِ المحكمة أن مطالبة المميز ضده اقتصرت على قيمة العمولة موضوع الاتفاقية دون المطالبة ابتداءً بفسخ الاتفاقية والمطالبة ببدل العمولات.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم رد دعوى المستأنف / المدعي لكون المدعي غير مسجل كوسيط تأمين وذلك سنداً لأحكام المادة (55) من قانون تنظيم أعمال التأمين والمادة (3/أ) من تعليمات ترخيص وسيط التأمين وتنظيم أعمال ومسؤولياته رقم (11) لسنة 2005.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم رد دعوى المستأنف / المدعي لكونه غير مسجل كوسيط تجاري وذلك سنداً لأحكام المادة (5) من قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم (28) لسنة 2001.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم رد دعوى المستأنف / المدعي لعدم الإثبات فمن خلال الرجوع إلى بينات الدعوى وتحديداً المسلسل رقم (3) من بينات المدعي وهي المشروحات الصادرة عن شركة المجموعة العربية الأوروبية للتأمين نجد أنها تتضمن مطالبات ورصيد دائن ومدين للشركة المدعى عليها ولم تتضمن فيما إذا تم جلب هذه العقود بوساطة المدعي.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بالحكم للمميز ضده على الرغم من عدم تقديم المميز ضده أية بينات أو عقود قام بإبرامها بنفسه أو نيابة عن شركة المجموعة العربية الأوروبية للتأمين لصالح المميزة مما يؤكد أن القرار مبني على بينة منعدمة ومتهاترة.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف عندما أغفلت أن المميزة بصفتها طرف متعاقد في إدارة عقود التأمين من مهامها إدارة مطالبات الجهات الطبية وهذه المطالبات هي أتعاب للجهات الطبية ولا تشكل القيمة الحقيقية للعقود وإنما تشكل قيمة أتعاب ومطالبات الجهات الطبية حيث إن المميزة تتقاضى نسب محددة لا تتجاوز (3%) من قيمة هذه المطالبات نظير قيامها بعملها كجهة مساعدة في إدارة عقود التأمين.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم توجيه اليمين الحاسمة للمستأنف / المدعي حول واقعة قبض العملات عن أية عقود قد قام بجلبها.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم إجراء الخبرة الفنية لغايات المحاسبة بين المميزة والمميز ضده حيث إن الخبرة هي ضرورية للفصل في الدعوى.

 

  1. أخطأت محكمة الاستئناف بالحكم بالفائدة القانونية وذلك لخلو وكالة وكيل المستأنف من المطالبة بها وكذلك فإن وكيل المميز ضده لم يطالب بالفائدة القانونية في طلباته النهائية وفي مرافعته النهائية.

  2. تكرر المميزة كافة أقوالها ومرافعاتها ومذكراتها السابقة وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من لائحة التمييز ومن أسباب التمييز ( السبب كما ورد في لائحة الطعن).

 

لهذه الأسباب طلب وكلاء المميزة قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

 

بتاريخ 23/1/2020 قدم وكيل المميز ضده لائحة جوابية طلب في نهايتها قبولها شكلاً ورد التمييز.

 

الــــــــــــــــــقــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد أن وقائعها تشير إلى أن المدعي إياد حمدي حسن الرزي كان قد أقام هذه الدعوى بتاريخ 4/7/2013 والمسجلة تحت الرقم 2770/2013 لدى محكمة صلح حقوق شمال عمان ضد المدعى عليها الشركة الانتقالية لإدارة الخدمات والنفقات التأمينية الطبية السنية للمطالبة بقيمة وساطة عقود مقدرة دعواها لغايات الرسم بمبلغ (2000 ) دينار .

وقد أسس دعواه على ما يلي :

1 – المدعى عليها شركة ذات مسؤولية محدودة مسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة / دائرة مراقبة الشركات / سجل الشركات ذات المسؤولية المحدودة تحت الرقم (14639) تاريخ 17/7/2007 والمدعو عمر حرب حمد الخريشة هو المفوض بالتوقيع عنها في كافة الأمور .

2 – بتاريخ 21/11/2009 أبرم المدعي والمدعى عليها اتفاقية تلتزم المدعى عليها بموجبها بأداء قيمة 15% من قيمة العقود التأمينية الطبية التي يجلبها ويبرمها المدعي مع شركات التأمين لصالح المدعى عليها تدفع عند تحصيل قيمتها من قبل المدعى عليها .

3 – تخلفت المدعى عليها عن دفع المبلغ المتفق عليه عن العقود المؤرخة منذ 1/1/2010 ولغاية تاريخه والمقدر عن هذه النسبة حسب ما ورد في البند الثاني أعلاه ولغايات الرسوم مبلغ (2000 ) دينار أردني مع الاستعداد لدفع فرق الرسم.

4 – وبالرغم من المطالبات الودية المتكررة للمدعى عليها لأداء النسبة المتفق عليها وبالرغم من تبلغها بتاريخ 10/10/2012 الإنذار العدلي رقم 18108/2012 تاريخ 7/10/2012 والموجه بواسطة كاتب عدل محكمة بداية شمال عمان إلا أنها ممتنعة عن ذلك .

نظرت محكمة الصلح الدعوى على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 21/1/2014 قررت إحالة الدعوى بحالها إلى محكمة بداية شمال عمان حسب الاختصاص القيمي .

قيدت الدعوى لدى محكمة بداية حقوق شمال عمان تحت الرقم 84/2014 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 29/4/2014 أصدرت قرارها والمتضمن رد دعوى المدعي وتضمينه الرسوم والمصاريف .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعي فطعن فيه استئنافاً حيث أصدرت محكمة استئناف عمان قرارها تدقيقاً رقم 31928/2014 بتاريخ 21/10/2014 والمتضمن فسخ القرار المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليها بتأدية مبلغ (13865,170 ) ديناراً للمدعي وتضمينها الرسوم والمصاريف ومبلغ 750 ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعى عليها فطعنت فيه تمييزاً بتاريخ 9/7/2015 .

وبتاريخ 27/3/2016 أصدرت محكمتنا قرارها رقم 3326/2015 والمتضمن نقض القرار المميز وجاء بقرار النقض ما يلي :

( وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن السببين الأول والثاني وفيهما تنعى الطاعنة على محكمة الصلح خطأها باعتمادها على تبليغات جرت أمامها في لائحة الدعوى وحافظة المستندات غير أصولية .

وفي ذلك فإن هذا النعي موجه إلى قرار محكمة الصلح وليس موجهاً للحكم المطعون فيه مما يتعين الالتفات عما ورد بهذين السببين .

وعن باقي أسباب التمييز وفيها تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي خلصت إليها .

وفي ذلك ومن الرجوع إلى القرار المميز فإن محكمة الاستئناف قد فصلت الدعوى دون أن تبين الأسانيد القانونية لما توصلت إليه والبينات التي استندت إليها في الوصول إلى النتيجة التي انتهت إليها كما أنها قضت بإلزام المميزة بتأدية مبلغ (13865,17 ) ديناراً دون أن تبين البينات المؤدية إلى هذه النتيجة ولم تبين كذلك المعادلة المحاسبية التي استعملتها في استخراج المبلغ المذكور مما يجعل قرارها غير معلل ومفصل الأمر الذي كان عليها أن تراعي ما سبق بيانه ولما لم تفعل فإن قرارها يكون سابقاً لأوانه وهذه الأسباب ترد عليه ويتعين نقضه.)

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم 19821/2016 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 18/5/2017 أصدرت قرارها وجاهياً والمتضمن إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ 13865,170 ديناراً للمدعي وتضمين المستأنف ضدها الرسوم والمصاريف ومبلغ 750 ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعى عليها فطعنت فيه تمييزاً بتاريخ 18/6/2017 ضمن المدة القانونية حيث أصدرت محكمة التمييز قرارها رقم 3953/2017 تاريخ 3/12/2017 والمتضمن نقض القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني وجاء بقرار النقض ما يلي :

( وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن السبب الثالث وفيه تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم رد الدعوى كون المميز ضده لم يكن مسجلاً كوسيط تأمين سنداً لأحكام المادة 55 من قانون تنظيم أعمال التأمين مما يجعل الدعوى مستوجبة الرد .

وفي ذلك نجد أن المادة( 2 ) من قانون تنظيم أعمال التأمين قد عرفت وسيط التأمين بأنه الشخص المرخص من الهيئة لممارسة أعمال وساطة التأمين بين المؤمن والمؤمن له بمقتضى أحكام هذا القانون وأن المادة (4) من القانون ذاته نصت على أن أعمال التأمين تشمل النشاط المتعلق بنوعي التأمين المنصوص عليهما في المادة 33 من هذا القانون والتعليمات الصادرة بمقتضاها كما يشمل إعادة أعمال التأمين وأعمال الاكتواريين ووكلاء التأمين ووسطاء واجتذاب عقد التأميـــــــــــــــــــــن وقبوله .

ونصت المادة 55 من القانون ذاته على أنه لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط التأمين أو أعمال وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الهيئة وفق الشروط التي يحددها المجلس وبمقتضى تعليمات يصدرها لهذه الغاية على أن تتضمن الأحكام المتعلقة بتحديد مسؤولياته وتنظيم أعماله وتنطبق عليه أحكام المادة (31) من هذا القانون .

ونصت المادة 3 من تعليمات ترخيص وسيط التأمين وتنظيم أعماله ومسؤولياته رقم 11 لسنة 2005 على أنه وتنفيذاً لأحكام المادة 55 من القانون لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الهيئة وفقاً للشروط المحددة بمقتضى أحكام هذه التعليمات والقرارات الصادة بمقتضاه تحت طائلة المسؤولية .

والمستفاد من النصوص السابقة أن وسيط التأمين هو الشخص الذي يجتذب عقود التأمين وإبرامها ما بين المؤمن له وإن الإجازة لممارسة أعمال الوساطة هو الترخيص الصادر عن هيئة التأمين المنشأة بموجب أحكام القانون لممارسة أعمال التأمين وأن المؤمن هي شركة التأمين وأن المؤمن له هو الشخص الذي أبرم عقد التأمين .

ومن الرجوع إلى العقد المبرم بين المدعي والمدعى عليها والمؤرخ في 21/11/2009 نجد أنه قد تضمن في البندين الأول والثاني منه على اتفاق الطرفين على أن يقوم المدعي كفريق ثانٍ في العقد بجلب العقود الطبية التأمينية وإبرامها مع الشركات لصالح الفريق الأول / الشركة الانتقالية لإدارة الخدمات الطبية والنفقات الطبية السنية حسبما يراه الفريق الأول مقابل نسبة مئوية مقدارها 15% من قيمة العقود التي يبرمها لصالح الفريق الأول ويحاسب على هذه العقود عند تحصيل قيمتها من قبل الفريق الأول وإنه وبخصوص العقود التي جلبها المدعي للمدعى عليها والمتصلة بالمجموعة العربية الأوروبية للتأمين قبل تجديد هذا العقد فيحاسب عليها بواقع 10% من قيمتها بعد التحصيل .

وحيث إن العقد المبرم بين الطرفين وفقاً لما سبق بيانه وما تضمنه من بيانات وشروط ما هو إلا من قبيل أعمال الوساطة التأمينية بالمعنى الوارد في المادة 55 من قانون تنظيم أعمال التأمين إذ إن دور المدعي في العقد هو جلب العقود وإبرامها ما بين المؤمن والمؤمن له لصالح المدعى عليها فهو لا يخرج مركزه في العقد عن كونه وسيط تأمين وإن المادة المذكورة توجب عليه ولمن يتقاضى أتعاب الوساطة أن يكون حاصلاً على ترخيص من الجهات المعنية وإن ذلك متصل بالنظام العام.

وحيث إن ملف الدعوى قد خلا من حصول المدعي على الترخيص المطلوب مما لا يجوز معه المطالبة بأتعاب الوساطة أو العمولة الواردة في العقد وبالتالي تكون هذه الدعوى مستوجبة الرد .

وحيث ذهبت محكمة الاستئناف إلى خلاف ذلك فيكون قرارها في غير محله وهذا السبب يرد عليه ويتعين نقضه .

وعن باقي أسباب التمييز فإن الرد عليها يكون غير مجدٍ في ضوء ما توصلنا إليه في ردنا على سبب التمييز الثالث.

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم 56905/2017 ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وبتاريخ 27/2/2018 أصدرت قرارها وجاهياً والمتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومبلغ 250 ديناراً أتعاب محاماة.

لم يلقَ القرار المذكور قبولاً لدى المدعي فطعن فيه تمييزاً بتاريخ 26/3/2018 ضمن المدة القانونية .

وبتاريخ 28/2/2019 أصدرت الهيئة العامة في محكمة التمييز قرارها رقم (5634/2018) والمتضمن نقض القرار المميز وجاء بقرار النقض ما يلي:-

(وفي الرد على أسباب التمييز :

وعن كافة أسباب التمييز وفيها ينعى الطاعن على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي خلصت إليها ورد الدعوى لعدم حصوله على رخصة لممارسة الوساطة في التأمين على الرغم أن هذه المطالبة لا يسري عليها أحكام المادة الثانية من قانون تنظيم أعمال التأمين لكون المميز ضدها ليست شركة تأمين وبالتالي فإن العقد المبرم ما بين الطرفين في هذه الدعوى لا يدخل ضمن
أعمال الوساطة وفق قانون تنظيم أعمال التأمين وتعديلاته رقم 33 لسنة 1999 .

وفي ذلك نجد أن المادة (2) من قانون تنظيم أعمال التأمين قد عرفت وسيط التأمين بأنه الشخص المرخص من الهيئة لممارسة أعمال وساطة التأمين بين المؤمن والمؤمن له بمقتضى أحكام هذا القانون وأن المادة (4) من القانون ذاته نصت على أن أعمال التأمين تشمل النشاط المتعلق بنوعي التأمين المنصوص عليهما في المادة (33) من هذا القانون والتعليمات الصادرة بمقتضاها كما تشمل إعادة أعمال التأمين وأعمال الاكتواريين ووكلاء التأمين ووسطاء واجتذاب عقد التأمين .

ونصت المادة (55) من القانون ذاته على أنه لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط التأمين أو أعمال وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الهيئة وفق الشروط التي يحددها المجلس وبمقتضى تعليمات يصدرها لهذه الغاية على أن تتضمن الأحكام المتعلقة بتحديد مسؤولياته وتنظيم أعماله وتنطبق عليه أحكام المادة (31) من هذا القانون .

ونصت المادة (3) من تعليمات ترخيص وسيط التأمين وتنظيم أعماله ومسؤولياته والصادرة عن مجلس إدارة هيئة التأمين رقم 11 لسنة 2005 على أنه وتنفيذاً لأحكام المادة (55) من القانون لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الهيئة وفق الشروط المحددة بمقتضى أحكام هذه التعليمات والقرارات الصادرة بمقتضاها وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية .

وقد نصت المادة (2) من التعليمات الصادرة عن مجلس إدارة هيئة التأمين لعام 2010 على أن (شركة إدارة أعمال التأمين هي الشركة المرخصة من الهيئة بمقتضى أحكام هذه التعليمات والقرارات الصادرة بمقتضاها لإدارة أعمال شركة التأمين أو شركة إعادة التأمين وذلك وفقاً للأسس والشروط المحددة بمقتضى أحكام هذه التعليمات والقرارات الصادرة بمقتضاها وإن اتفاقية إدارة أعمال التأمين هي الاتفاقية المبرمة بين شركة إدارة أعمال التأمين أو شركة إعادة التأمين والتي تحددها ..... الخ) .

والمستفاد من النصوص السابقة أن وسيط التأمين هو الشخص الذي يجتذب عقود التأمين وإبرامها بين المؤمن والمؤمن له مقابل منفعة أو أجر يدفع له من أحد طرفي عقد التأمين مقابل الجهد الذي بذله في سبيل إبرام عقد التأمين وإن وسيط التأمين وفق ذلك يصح أن يكون وكيلاً مفوضاً أو مندوباً أو سمساراً غير مفوض ( انظر السمهوري - الوسيط في شرح القانون المدني ص7 – ص1167 – دار إحياء التراث العربي ) . وإن المؤمن يكون عادة شركة تأمين مساهمة والمؤمن له هو من يتعاقد مع شركة التأمين سواء كان فرداً أو شركة أو غير ذلك مما يستفاد من ذلك أن وسيط التأمين هو الذي يمارس أعمال الوساطة في إبرام عقد التأمين وفق ما سبق بيانه وإن المشرع قد اشترط لمن يمارس أعمال الوساطة في التأمين أن يكون مرخصاً لدى هيئة التأمين المنشأة بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين وبخلاف ذلك فلا يجوز له استيفاء أجوره عن أعمال الوساطة .

وفي الحالة المعروضة نجد أن العقد الخطي المبرم بين المدعي والمدعى عليها والمؤرخ في 21/11/2009 تضمن في البندين الأول والثاني منه على اتفاق الطرفين على أن يقوم المدعي كفريق ثانٍ في العقد على جلب العقود الطبية التأمينية وإبرامها مع الشركات لصالح المدعى عليها الشركة الانتقالية للخدمات الطبية السنية حسبما يراه هذا الفريق مقابل نسبة مئوية مقدارها 15% من قيمة العقود ويحاسب على هذه العقود عند تحصيل قيمتها من الفريق الأول / الشركة الانتقالية أما بالنسبة للعقود التي جلبها والمتصلة بالمجموعة العربية الأوروبية للتأمين قبل تحرير العقد فيحاسب بواقع 10% من قيمتها بعد التحصيل.

وحيث إن الثابت في الدعوى أن المدعى عليها / الشركة الانتقالية للخدمات الطبية السنية ليست شركة تأمين وإنما هي شركة ذات مسؤولية محدودة تباشر أعمال إدارة النفقات الطبية فإن العقد المبرم بينها وبين المدعي يخرج عن نطاق العلاقة العقدية بين طرفي عقد التأمين أي بين شركات التأمين بمعناها القانوني والغير الذي يرتبط معها بعقد التأمين كون دور المدعي في عقود التأمين التي تبرم ما بين شركات بمواجهة المدعى عليها كشركة لإدارة الخدمات الطبية ينحصر في جلب عقود التأمين المبرمة بين طرفي العقد لمصلحة المدعى عليها لغاية قيامها بأعمال إدارة النفقات الطبية وتنفيذ مقتضيات العقد عن شركة التأمين وتسوية المطالبات الناشئة عن هذا العقد ودفع المطالبات للمستحقين عن شركات التأمين وفق الأعمال والغايات التي تمارسها المدعى عليها بموجب أحكام المادة (3) من تعليمات ترخيص شركات إدارة الخدمات والتأمين وأسس تنظيم أعمالها ومراقبتها وتعديلاته رقم (5) لسنة 2005.

وحيث إن أعمال الوساطة في عقد التأمين وفق قانون تنظيم أعمال التأمين ينحصر بأعمال الوساطة بين طرفي عقد التأمين وهما شركة التأمين كطرف مؤمن والغير كطرف مؤمن له وصولاً إلى إبرام عقد التأمين بينهما مما يستوجب في مثل هذه الحالة لمن يباشر أعمال الوساطة أن يكون مرخصاً وفق أحكام المادة (55) من قانون تنظيم أعمال التأمين بينما تخرج العلاقة بين طرفي الدعوى في الحالة الماثلة عن نطاق عقد التأمين ما بين المؤمن والمؤمن له كون التزام المدعي بموجب العقد المبرم بينه والمدعى عليها ينحصر في جلب عقود التأمين بعد إبرامها مع الشركات للغايات التي سبقت الإشارة إليها مما يخرج هذا العقد عن أعمال الوساطة بالتأمين بالمعنى القانوني الوارد في قانون أعمال تنظيم التأمين بالتالي لا تحتاج الحقوق التي يطالب بها المدعي في هذه الدعوى إلى ترخيص لمباشرة الأعمال المبينة في العقد المبرم بينه والمدعى عليها سيما وإن قانون تنظيم أعمال التأمين قد خلا من نص يوجب على من يقوم بالأعمال الواردة في العقد مدار البحث لمصلحة المدعى عليها على ترخيص لمباشرتها مما يستحق المدعي الحقوق الواردة في العقد في حال توافرها .

 

قيدت الدعوى بعد النقض لدى محكمة الاستئناف تحت الرقم (12667/2019) ثم نظرت فيها على النحو المعين بمحاضرها وقررت اتباع النقض وقدم المميز ضده لائحة استئناف معدلة على ضوء شهادة تسجيل الشركة المدعى عليها والتي تفيد بحصول تغييرات في اسمها التجاري حيث اصبحت شركة أوبتما لإدارة الخدمات والنفقات التأمينية الطبية السنية بدلاً من الشركة الانتقالية لإدارة الخدمات والنفقات التأمينية الطبية السنية وقد تم تبليغها لائحة الاستئناف المعدلة وتغيبت عن الحضور فتقرر إجراء محاكمتها بمثابة الوجاهي وبتاريخ 31/10/2019 أصدرت محكمة الاستئناف قرارها المتضمن فسخ الحكم المستأنف وبالوقت ذاته إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (13865,170) ديناراً للمدعي وتضمينها الرسوم والمصاريف والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام ومبلغ (750) ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي.

 

لم يلق الحكم الاستئنافي المذكور قبولاً لدى المدعى عليها فطعنت فيه تمييزاً بتاريخ 13/1/2020 والمبلغ إليها بتاريخ 23/12/2019 فيكون التمييز مقدماً ضمن المدة القانونية وقدم وكيل المميز ضده لائحة جوابية.

 

 

وفي الرد على أسباب التمييز :-

وعن السبب الأول وفيه تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم مراعاة أن القرار المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون والأصول.

 

وفي ذلك فإن هذا النعي جاء على سبيل العموم إذ لم تحدد الطاعنة أوجه مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والأصول حتى يمكن لمحكمتنا التصدي لها مما يتعين الالتفات عن هذا السبب ورده.

 

وعن السبب الثاني وفيه تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم مراعة أن الدعوى مقامة بصورة غير صحيحة وقانونية وإن مطالبة المميز ضده قد استندت إلى اتفاقية خطية واقتصرت مطالبته ابتداءً فيها على العمولة دون المطالبة بفسخ الاتفاقية مما يجعل هذه الدعوى مقامة بصورة غير قانونية وسابقة لأوانها.

 

وفي ذلك فإن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المدعي أسس دعواه الحاضرة للمطالبة في هذه الدعوى بالاستناد إلى الاتفاقية الخطية المبرمة بين الطرفين والتي بموجبها تتم المطالبة ببدل الأجور والعمولة بواقع (15%) من قيمة عقود التأمين التي قام بجلبها لمصلحة المدعى عليها مما يستفاد من ذلك أن هذه المطالبة ناشئة عن عقد ما زال قائماً وليست ناشئة عن مطالبة بفسخ عقد أو تنفيذه مما لا يستوجب في مثل هذه الحالة أن يسبق هذه المطالبة توجيه إنذار للمدعى عليها وبالتالي تكون هذه الدعوى مقامة بصورة صحيحة وعليه فإن هذا السبب لا يرد على القرار المميز ويتعين رده.

 

وعن السبب الثالث وفيه تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم مراعاة أن دعوى المميز ضده مستوجبة الرد لعدم حصوله على ترخيص للقيام بالوساطة بالتأمين وفق أحكام المادة (55) من قانون تنظيم أعمال التأمين والمادة (3/أ) من تعليمات ترخيص وسيط التأمين وتنظيم أعمال ومسؤولياته رقم (11) لسنة 2005 كون عمل المدعي بموجب العقد المبرم من الطرفين يدخل ضمن أعمال الوساطة بالتأمين.

 

وفي ذلك فإن محكمتنا وبموجب قرار النقض السابق والصادر عن الهيئة العامة برقم (5634/2018) تاريخ 28/2/2019 كانت قد عالجت الدفوع الواردة في هذا السبب وتوصلت فيه إلى أن الزام المميز ضده بموجب العقد الخطي المبرم مع الشركة المدعى عليها ينحصر في جلب عقود التأمين لمصلحة الشركة المدعى عليها لغاية قيامها بإدارة النفقات الطبية وتنفيذ مقتضياته عن شركة التأمين ....إلخ وبالتالي فإن هذا العقد لا يتصف بأعمال الوساطة في عقد التأمين وفق قانون تنظيم أعمال التأمين ولا يحتاج المميز ضده إلى ترخيص بموجب القانون المذكور مما لا يجوز معه وفق ذلك معاودة البحث في هذا السبب لسبق الفصل فيه مما يستدعي رده.

 

وعن السبب الرابع وفيه تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها من حيث عدم مراعاة أن دعوى المميز ضده مستوجبة الرد لعدم حصوله على ترخيص وسيط تجاري كون عمله بمقتضى العقد موضوع الدعوى يتطلب حصوله على ترخيص وفق المادتين (5و10) من قانون الوسطاء التجاريين رقم (28) لسنة 2001 وأنه لم يكن مرخصاً وفق القانون المذكور مما لا يجوز له المطالبة بأية عمولة عن مطالبته في الدعوى.

 

وفي ذلك فإن هذا الطعن غير مقبول للاختلاف بين الدور الذي يقوم به المدعي / المميز ضده لمصلحة المدعى عليها بموجب العقد الخطي المبرم بينهما عن الدور الذي يقوم به الوسيط التجاري وفق قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين رقم (28) لسنة 2001 حيث ينحصر عمل المدعي في الدعوى الحاضرة على جلب عقود التأمين بعد أن يتم إبرامها مع شركات التأمين لمصلحة المدعى عليها بينما يقوم الوسيط التجاري بموجب القانون المذكور بالوساطة بين الطرفين بعقد أو تسجيل عقد المعاملات التجارية لقاء أجر دون أن يتحمل تبعتها مما يستفاد من ذلك أن مطالبة المميز ضده لا تخضع للقانون السالف الذكر لأن عمله بمقتضى العقد المبرم مع المدعى عليها لا يتصف بأعمال الوساطة التجارية ولا يندرج تحت هذا المفهوم بأي صورة كانت وترتيباً على ذلك فلا يستلزم من المدعي المطالبة في الدعوى مدار البحث حصوله على ترخيص كوسيط تجاري وفق قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين مما يستدعي رد هذا السبب .

 

وعن الأسباب الخامس والسادس والسابع وفيها تنعى الطاعنة على محكمة الاستئناف خطأها بالنتيجة التي توصلت إليها والحكم للمميز ضده مع أنه لم يقدم البينة التي تثبت قيامه بجلب عقود تأمين من الشركة العربية الأوروبية للتأمين لصالحها وإن البينات التي قدمها لإثبات دعواه لا تؤدي إلى النتيجة التي توصلت إليها المحكمة في قرارها الطعين .

 

وفي ذلك نجد أن المميز ضده / المدعي قدم لإثبات دعواه عدداً من البينات لإثبات دعواه والمؤلفة من الاتفاقية الخطية المبرمة بين الطرفين والتي بموجبها يقوم المميز ضده / المدعي بجلب العقود الطبية التأمينية بعد إبرامها مع الشركات لمصلحة المدعى عليها مقابل (15%) من قيمتها وقدم أيضاً كشف الحساب الصادر عن شركة المجموعة العربية الأوروبية للتأمين حول عقود التأمين ومشروحات عن تفاصيل العقود المبرمة ما بين 1/1/2010 – 4/7/2013 والتي يطالب بأجره عنها كما قدم الإنذار العدلي الموجه للمدعى عليها وعلم وخبر تبليغه إلا أن محكمة الاستئناف وفي قرارها المميز لم تناقش هذه البينات ولم تبين كيف توصلت إلى أن المدعي هو من قام بجلب العقود التي يطالب بنسبة من قيمتها مما يجعل قرارها مشوباً بالقصور بالتعليل والتسبيب الأمر الذي كان يتوجب على محكمة الاستئناف مناقشة هذه البينات بصورة وافية مشيرة إلى البينات التي تؤكد الوقائع الثابتة لديها ولما لم تفعل فإن هذه الأسباب ترد على القرار المميز ويتعين نقضه.

 

لهذا وتأسيساً على ما تقدم ودون حاجة للرد على باقي أسباب التمييز نقرر نقض القرار المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني.

 

قراراً صدر بتاريخ 23 شوال سنة 1441هـ الموافق 15/6/2020م

عضـــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــو القاضـــي المترئس

 

 

عضـــــــو عضـــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــو

 

 

عضـــــــو عضـــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــو

 

 

رئيس الديـــوان

دقــــق / ر .ن

ر.ن 1166 - 20H