القرار رقم 914 لسنة 2020 الصادر عن هيئة القاضي محمد الغزو - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

محكمة التمييز الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها :الحقوقية وزارة العــدل
رقم القضية : 914/2020 القــرار

الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم

 

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيد الرئيس محمد الغزو

وعضوية القضاة السادة

"محمد طلال" الحمصي ، د. مصطفى العساف ، د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل د. فؤاد الدرادكة ، محمد البدور ، فايز بني هاني ، "محمد عمر" مقنصة

 

الممـــــــــــــــــــــــيز : فؤاد شريف سلامة (أمريكي الجنسية ) بصفته الشخصية وبصفته
مالك الاسم التجاري الأمريكية لصناعة الدهان .

وكيلاه المحاميان/ محمد دوحل وفادي دوحل .

 

المميز ضدها : شركة الصناعات الحديثة للأصباغ والكيماويات ذ.م.م .

وكيلها المحامي/ محمد عربيات 0

بتاريخ 22/ 12/ 2019 قدم هذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف حقوق عمان في الدعوى رقم (22907/2019) تاريخ 27/11/2019 القاضي : بعدم اتباع النقض الصادر بموجب قرار محكمة التمييز رقم (4238/2019 ) تاريخ 12/9/2019 برد الاستئناف موضوعاً وتأييد القرار المستأنف (الصادر عن محكمة بداية حقوق عمان في الدعوى رقم (3602/2012 ) تاريخ 16/11/2017 ) المتضمن : ( رد دعوى المدعي وتضمينه الرسوم والمصاريف ) وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومبلغ (250) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من التقاضي .

وتتلخص أسباب التمييز بما يلي :

  1. أخطأت محكمة الاستئناف حينما أصرت على قرارها المميز مخالفة بذلك قرار النقض رقم 4238/2019 تاريخ 12/9/2019 حيث أشار قرار النقض إلى أنه كان يجب على محكمة الاستئناف مناقشة وتمحيص البينات المقدمة في الدعوى وخصوصاً بينات المميز لبيان إن كانت الجهة المميز ضدها قد استعملت حقها استعمالاً مشروعاً أم بقصد الإضرار بالمميز لا أن تكتفي بالإشارة إلى نصوص المواد 101 من الدستور و المادتين 61 و 66 من القانون المدني وتقرر رد الاستئناف استناداً لها كما أن محكمة الاستئناف قد اتبعت قرار النقض قولاً وأصرت على قرارها المميز فعلاً بمعنى أنها لم تعالج مضمون النقض .

  2. إن محكمة الاستئناف لم تتطرق لصلب وشريان الدعوى الرئيسي ألا وهو التحقق من صدور أفعال التعدي والتعسف من قبل المميز ضدها بمواجهة المميز بهدف إلحاق الضرر دون مبرر قانوني وأن الأمر لا يتعلق بوزن البينات وإنما على المحكمة التحقق من صحة وانطباق الإسناد القانوني الواجب التطبيق على ضوء البينات المقدمة والتي رفضت المحكمة التعرض لها رغم وضوح الدعوى والسند القانوني مصدر المطالبة القضائية كما أوضحها المميز في لائحة ادعائه .

  3. أخطأت محكمة الاستئناف بعدم قيامها بمعالجة أسباب النقض التي سبق وأن تم إثارتها أمامها من حيث إن استنادها وتطبيقها وتأويلها الغير صحيح لنصوص المواد 101 من الدستور والمادتين 61 و 66 من القانون المدني قد أدى إلى نتيجة مخالفة تماماً لوقائع الدعوى والبينات المقدمة بها والتي بتدقيقها المجرد سيؤدي إلى نتائج مغايرة تماماً لما وصلت إليه محكمة الاستئناف لأن المميز استطاع الإثبات من خلال بيناته تعدي المميز ضدها عليه وعلى منتجاته.

لهذه الأسباب طلب وكيل المميز قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

الـقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد إن أوراق الدعوى تشير إلى أن المدعي فؤاد شريف سلامة أمريكي الجنسية – بصفته الشخصية وبصفته مالك الاسم التجاري (الأمريكية لصناعة الدهان) كان بتاريخ 8/11/2012 قد تقدم بالدعوى الابتدائية الحقوقية رقم 3602/2012 لدى محكمة بداية حقوق عمان بمواجهة المدعى عليها شركة الصناعات الحديثة للأصباغ والكيماويات للمطالبة بالتعويض عن العطل والضرر المادي والمعنوي والأرباح الفائتة مقدرة لغايات الرسوم بمبلغ (10001) دينار أردني، على سند من القول:

أولاً: المدعي مستثمر أمريكي باشر استثماره بإنشاء مصنع دهانات في منطقة المقابلين تحت الاسم التجاري (الأمريكية لصناعة الدهان) المسجلة تحت الرقم (79670) بعد أن حصل على شهادة تسجيل تاجر حيث سجل في السجل التجاري تحت الرقم (113164) تاريخ 5/8/1999 وحصوله على شهادة التسجيل الصناعي بتاريخ 29/5/1999.

ثانياً: المدعى عليها شركة أردنية مسجلة في سجل الشركات ذات المسؤولية المحدودة تحت الرقم (3731) تاريخ 18/10/1994.

ثالثاً: بتاريخ 26/5/2002 أقامت المدعى عليها الدعوى البدائية الحقوقية رقم (1904/2002) لدى محكمة بداية حقوق عمان موضوعها:

  1. وقف ممارسة المنافسة غير المشروعة ومنع التعدي على علامة تجارية مسجلة.

  2. إلقاء الحجز التحفظي على المواد والمنتجات ذات العلاقة أينما وجدت والتي تؤدي إلى المنافسة غير المشروعة.

  3. المطالبة بالعطل والضرر الناتج عن التعدي والمنافسة غير المشروعة والفعل الضار.

رابعاً: بناءً على تقديم الدعوى من قبل المدعى عليها فقد تم إلقاء الحجز التحفظي على أموال المدعي بموجب محضر الحجز والضبط المؤرخ في 29/5/2002 حيث تـم الحجـز علـى :

  1. "394" غالون دهان وزن من 4-5 كغم لكل منها – في مصنع الشركة.

  2. "59" علبة غراء خشب سعة ربع كيلو معروضة في محلات شريف سلامة –
    الوحدات.

  3. "205" غالون بلاستيكي معجونة وزن "5" كيلو تقريباً.

  4. "10" براميل إملشن وزن 25 كيلو تقريباً لكل منها.

  5. "51" علبة حديد إملشن وزن "5" كيلو تقريباً.

  6. "292" علبة فارغة.

  7. "46" برميل بلاستيك وزن "25" كيلو من مادة الاملشن.

  8. "64" علبة وزن نصف كيلو لكل منها "غراء خشب".

  9. "8" علب معجون جدران وزن "1" كيلو لكل منها.

  10. "22" علبة (غراء خشب) وزن "1" كيلو لكل منها.

  11. "2" علبة دهان زياتي وزن "4" كيلو.

  12. "46" كيس معجونة جدران سعة "25" كيلو لكل كيس.

  13. "19" علبة غراء خشب وزن نصف كيلو للعلبة الواحدة.

  14. "5" أكياس معجونة جدران سعة "10" كيلو لكل منها.

  15. "52" كيس بلاستيك فارغ مخصصة لتعبئة المعجونة.

  16. كيس عدد "2" تحتوي على أوراق تحمل العلامة التجارية.

  17. "8" كراتين بداخلها غراء خشب.

  18. "252" علبة فارغة.

  19. "11"علبة غراء خشب سعة كيلو لكل منها.

  20. "91" علبة معجون جدران سعة "1" كيلو لكل منها.

  21. "9" غالون دهان سعة "4" كيلو لكل منها.

  22. "6" غالون إملشن وزن "4" كيلو لكل منها.

علماً بأن الشركة المدعى عليها قد أحضرت أحد موظفيها هو المدعو هاني شكري يوسف عبد الرحمن وقامت بتسليمه كافة المحجوزات والذي نقلها بدوره لجهة غير معلومة للمدعي، ورغم قيام المدعي باستئناف قرار الحجز الذي تم فسخه من قبل محكمة الاستئناف بموجب القرار الاستئنافي رقم 125/2002 تاريخ 9/6/2002 أمور مستعجلة " والذي تضمن بالنتيجة رد طلب الحجز الاحتياطي إلا أن الشركة المدعى عليها والكفيل المذكور بقيا يحتفظان بالبضائع التي تم حجزها ولغاية تاريخ تقديم هذه الدعوى.

خامساً: باشرت محكمة بداية حقوق عمان بنظر الدعوى المشار إليها أعلاه حيث استمعت إلى العديد من الشهود كما أجرت الخبرة الفنية وتم تقديم العديد من المذكرات واللوائح والمرافعات وبالنتيجة قد أصدرت قرارها رقم (1904/2002) تاريخ 18/12/2006 وجاهياً اعتبارياً بحق المدعية والذي قضى برد الدعوى عن المدعى عليه "المدعي في هذه الدعوى" بعد أن استمر نظر الدعوى ما يقارب الأربع سنوات.

سادساً: بعد محاولات عديدة لتبليغ المدعية القرار الصادر بحقها استأنفت المدعية "المدعى عليها في هذه الدعوى" قرار محكمة البداية وكان ذلك بتاريخ 11/7/2007 وبعد مضي ما يقارب السنتين أصدرت محكمة استئناف حقوق عمان قرارها رقم (19023/2007) تاريخ 19/3/2009 والذي تضمن رد الاستئناف.

سابعاً: بتاريخ 19/4/2009 قامت المدعية "المدعى عليها في هذه الدعوى" بالطعن لدى محكمة التمييز التي قررت بدورها رد التمييز شكلاً بموجب قرارها رقم (1671/2009) تاريخ 12/11/2009.

ثامناً: نتيجة لتصرفات المدعى عليها فقد لحقت بالمدعي أضراراً مادية ومعنوية كبيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :

  1. الاستيلاء على جميع المواد المصنعة التي تم حجزها وضبطها واستحواذ الشركة المدعى عليها لهذه المواد والاحتفاظ بها لمدة عشر سنوات تقريباً رغم صدور قرار محكمة الاستئناف بفسخ قرار الحجز وفق ما ورد بالبند الرابع من لائحة الدعوى الأمر الذي نتج عنه تلف هذه المواد مع عبواتها والتي تقدر قيمتها بمبلغ وقدره عشر آلاف دينار أردني تقريباً.

  2. إن الدعوى (1904/2002) التي سبق للمدعى عليها وأن أقامتها بمواجهة المدعي كان الهدف منها القضاء على منتجات المدعي وهي في مهدها وإخراجه من السوق واستحواذ الشركة المدعى عليها على السوق بمفردها الأمر الذي تحقق للشركة المدعى عليها رغم صدور القرار برد دعواها حيث اضطر المدعي للتوقف عن الإنتاج بعد قيام المدعى عليها بترهيب التجار والطلب إليهم عدم التعامل مع المدعي ومنتجاته مستغلين صدور قرار قاضي الأمور المستعجلة بإلقاء الحجز على منتجات المدعي رغم فسخ القرار الأمر الذي أدى إلى توقف المدعي عن الإنتاج وعدم تداول منتجاته في السوق الأمر الذي أدى إلى إلحاق الخسارة الكبيرة به متمثلة بنفقات إنشاء المصنع والمواد الخام وفوات الأرباح عليه مدة زادت عن عشر سنوات.

  3. إن الشركة المدعى عليها كانت تدرك ومنذ نقطة البداية بأنها غير محقة بدعواها وإن هناك اختلافاً واضحاً في العلامة التجارية المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة لعلمها بأن منتجات المدعي قد تفوقت على منتجاتها من حيث المواصفات والجودة.

  4. جراء تصرفات المدعى عليها والتي على أثرها توقف المدعي عن الإنتاج حيث اضطر إلى صرف تعويضات مالية كبيرة لعمال وموظفي مصنعة عقب هذا التوقف إضافة لتكبده أتعاب محاماة على خلفية الدعوى رقم (1904/2002) تقدر جميعها بأكثر من عشرة آلاف دينار أردني.

  5. إن تصرفات المدعى عليها قد أضرت بالمدعي من النواحي المعنوية تمثل بخلق حالة لدى التجار بأنه لا يستطيع المدعي التواجد في السوق عبر منتجاته وأنه إذا ما عاود الإنتاج سيتم محاربته والقضاء عليه وهو في مهده مستغلة قوتها المعنوية في السوق منذ عشرات السنين.

باشرت محكمة بداية حقوق عمان النظر بالدعوى وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت بتاريخ 16/11/2017 حكمها وجاهياً بحق المدعي ووجاهي اعتباري بحق المدعى عليها المتضمن :

رد دعوى المدعي وتضمينه الرسوم والمصاريف .

لم يرتضِ المدعي بقضاء محكمة الدرجة الأولى فطعن في الحكم الصادر عنها استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان التي نظرت الطعن مرافعة وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت بتاريخ 12/11/2018 حكمها رقم (11487/2018) وجاهياً ويتضمن :

رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومبلغ (250) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من التقاضي .

لم يلقَ الحكم الاستئنافي المشار إلى منطوقه أعلاه قبولاً من المستأنف فطعن عليه تمييزاً للأسباب الواردة في لائحة التمييز المقدمة بتاريخ 2/12/2018 ضمن المهلة القانونية .

وكانت محكمة التمييز بهيئتها العادية قد أصدرت بتاريخ 12/9/2019 حكمها رقم 4238/2019 جاء فيه:

(ورداً على أسباب الطعن جميعها التي تدور حول تخطئة محكمة الموضوع – بداية واستئنافاً- بإصدارها الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون من ناحية وتطبيقه القانون وتأويله سنداً لأحكام المادة (198/1) من قانون أصول المحاكمات المدنية وذلك باستنادها إلى نص المادة (61 مدني و 101 من الدستور الأردني ) وعدم معالجتها بينات الطاعن معالجة سائغة ومقبولة وكذلك من حيث اعتمادها تقرير الخبرة فجاء حكمها مجحفاً بحق الطاعن وغير معلل .

وفي ذلك نجد أن المميز لجأ ابتداء إلى تقديم دعواه للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة تقديم المميز ضدها دعواها رقم (1904/2002) بمواجهته موضوعها المنافسة غير المشروعة وطلب منع التعدي على العلامة التجارية وطلب إلقاء الحجز التحفظي كون المميز كان يقوم بإنتاج وتصنيع دهانات ومعاجين تحمل علامة (سوبر ديلوكس) في حين أن المميز ضدها تنتج وتصنع الدهانات وهي صاحبة العلامة التجارية (ديلوكس) ونظراً للحجز التحفظي الذي تعرض له المميز نتيجة تلك الدعوى وتشويه سمعته بين التجار وما صاحب ذلك من إجراءات طويلة وحيث تقرر رد دعوى المميز ضدها ولاعتقاد المميز بتعسف المميز ضدها بتقديم تلك الدعوى تقدم بدعواه التي صدر فيها الحكم المطعون فيه .

تجري أحكام القضاء في هذا الصدد على أن خسارة الجهة المدعية لدعواها لا يرتب بالضرورة المسؤولية عن التعسف في التقاضي وإنما يستلزم أن تكون الجهة المدعية قد استعملت دعواها بسوء نية أو توافر لديها قصد الإضرار بالغير أو أن المدعية قد اقترفت خطأً جسيماً بمستوى الغش في حين نجد أن بعض الأحكام تعتبر مجرد توافر الخطأ كافياً لقيام التعسف ولكن هذا الخطأ يقارب الخطأ الجسيم أو الغش ولكن يذهب الاتجاه القضائي الجديد إلى التوسع في قيام التعسف حيث يكفي لقيام التعسف توافر الخطأ وأياً كان الاتجاه فإن ما يستفاد مما تقدم أن القضاء يجعل من التمييز بين الخطأ العمدي وغير العمدي معياراً للتعسف في استعمال الحق في الدعوى ولما كان هذا التمييز بين الخطأين ليس دائماً بالأمر اليسير فقد ذهب الاتجاه إلى أنه يجب أخذ أهمية الضرر في الاعتبار إلى جانب خطأ المتقاضي .

وفي حالتنا المعروضة نجد أن محكمة الاستئناف قد عالجت الدعوى استناداً إلى نص المادة (101) من الدستور الأردني والمادتين (61 و 66) من القانون المدني على اعتبار أن تقديم المميز ضدها لدعواها رخصة أو حق كفله الدستور والقانون للناس كافة .

وحيث إنه يلزم لقيام المسؤولية عن التعسف في استعمال الحق في التقاضي إثبات الطابع التعسفي لاستعمال هذا الحق وهذا يقتضي أن من يدعي التعسف إثبات سوء نية خصمه أي أن يكون الخصم وهو يتخذ الإجراء عالماً بأن لا حق له فيه وإنما قصد الإضرار بالخصم الآخر .

ولما كان الأمر كذلك فإنه كان يجب على محكمة الاستئناف مناقشة وتمحيص البينات المقدمة والمستمعة في الدعوى لبيان فيما إذا كانت الجهة المميز ضدها قد استعملت حقها استعمالاً مشروعاً أم بقصد الإضرار بالمميز لا أن تكتفي بنصوص المواد المشار إليها أعلاه ومن ثم فإن أسباب الطعن تغدو واردة على الحكم المطعون فيه وتوجب نقضه .

لهذا وتأسيساً لما تقدم نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني)).

بعد النقض والإعادة قيدت الدعوى مجدداً لدى محكمة الاستئناف بالرقم 22907/2019 وبعد تلاوة حكم محكمة التمييز رقم 4238/2019 تاريخ 12/9/2019 ومطالعة الطرفين حوله قررت المحكمة عدم اتباع النقض والإصرار على حكمها السابق للعلل والأسباب ذاتها الواردة فيه ، حيث أصدرت بتاريخ 27/11/2019 حكمهــــــــــا وجاهياً بحق الطرفين ويتضمن :

رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنف الرسوم والمصاريف ومبلغ (250) ديناراً أتعاب محاماة عن هذه المرحلة من التقاضي .

لم يقبل المستأنف بالحكم الاستئنافي المشار إلى منطوقه أعلاه فطعن عليه تمييزاً للأسباب الواردة في لائحة التمييز المقدمة بتاريخ 22/12/2019 ضمن المهلة القانونية .

بتاريخ 31/12/2019 تم إرسال التبليغ لوكيل المميز ضدها لكنه لم يتبلغ بسبب رحيله من العنوان المذكور بالتبليغ فصار تبليغه على بريده الإلكتروني بتاريخ 15/1/2020 ورسالة نصية ولم يتم الاستلام.

وحيث إن محكمة الاستئناف أصرت على حكمها السابق فقد تقرر نظر هذا الطعن من قبل الهيئة العامة لمحكمة التمييز .

 

وفي الرد على أسباب التمييز :

ورداً على أسباب الطعن جميعها التي تتمثل بتخطئة محكمة الاستئناف حينما أصرت على حكمها المميز مخالفة بذلك حكم النقض الصادر في هذه الدعوى رقم 4238/2019 تاريخ 12/9/2019 والحقائق الثابتة أن محكمة الاستئناف لم تتطرق لصلب وشريان الدعوى الرئيسي ألا وهو التحقق من صدور أفعال التعدي والتعسف من قبل المميز ضدها بمواجهة المميز بهدف إلحاق الضرر به دون مبرر ،كما أن محكمة الاستئناف لم تعالج أسباب الطعن من حيث استنادها وتطبيقها وتأويلها غير الصحيح لنصوص المواد 101 من الدستور و 61 و 66 من القانون المدني الذي أدى إلى نتيجة مخالفة تماماً لوقائع الدعوى والبينات المقدمة فيها .

وفي ذلك نجد أن محكمة الاستئناف مارست صلاحيتها المنصوص عليها في المادة 202 من قانون أصول المحاكمات المدنية ومن حقها الإصرار على حكمها السابق هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى نجد أن وقائع هذه الدعوى تتحصل في أن المميز تقدم بهذه الدعوى للمطالبة بالتعويض ما لحق به من ضرر نتيجة تقديم المميز ضدها دعواها رقم 1904/2002 بمواجهته ، موضوعها المنافسة غير المشروعة وطلب منع التعدي على العلامة التجارية وطلب إلقاء الحجز التحفظي استناداً إلى أن المميز يقوم بإنتاج وتصنيع دهانات ومعاجين تحمل علامة (سوبر ديلوكس) في حين أن المميز ضدها تنتج وتصنع الدهانات وهي صاحبة العلامة التجارية ( ديلوكس) ونظراً لخسارة المميز ضدها لدعواها بمواجهته التي استغرق نظرها سنوات والحجز على البضاعة حتى صدور ذلك الحكم وما صاحب ذلك من الإساءة إلى سمعته بين التجار ولاعتقاد المميز أن المميز ضدها تعسفت باستعمال حقها تقدم بدعواه التي صدر فيها الحكم المطعون فيه .

لقد بين القانون المدني الأردني نطاق الحق واستعماله حيث قضت المادة 61 منه على أن ( الجواز الشرعي ينافي الضمان فمن استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر ) ثم أعقبتها المادة 66 منه التي تنص على ما يلي : ( 1- يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع .

2- ويكون استعمال الحق غير مشروع :

أ- إذا توفر قصد التعدي .

ب- إذا كانت المصلحة المرجوة من الفعل غير مشروعة .

ج- إذا كانت المنفعة منه لا تتناسب مع ما يصيب الغير من الضرر .

د- إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة )

ويجمع الفقه والقضاء على أن الأساس القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق هو الخطأ في المسؤولية التقصيرية ، وأن التشريعات الوطنية ومنها الدستور الأردني في المادة 101 منه حيث جُعل اللجوء إلى المحاكم حق دستوري .

ولكنه قد يصطدم استعمال الحق بصورة معينة مع الواجبات العامة التي يتحملها صاحب الحق في مواجهة الكافة بعدم الاعتداء على حقوقهم بحيث يؤدي استعمال الحق بهذه الصورة إلى الحاق ضرر بالغير ولا يعتبر الشخص متعسفاً في استعمال حقه لمجرد إصابة الغير بضرر ما دام أن استعمال الحق يتمشى مع السلوك المألوف للرجل المعتاد ، ومن ثم فإن من الطبيعي اعتبار صاحب الحق مخطئاً إذا كانت المنفعة التي يبغيها من استعمال الحق لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر فضائلة المصلحة التي يسعى إليها صاحب الحق بالنسبة للضرر الذي يلحق بالغير يعتبر انحرافاً من جانب صاحب الحق عن السلوك المألوف للرجل المعتاد وفقاً للمعيار الموضوعي .

والمسؤولية عن استعمال الحق في التقاضي ينظر إليها من ناحيتين :

الأولى : أن الحق في التقاضي من الحقوق المشروعة والمباحة ومن ثم فالأصل أنه لا يترتب على استعماله المساءلة بالتعويض لمن يلحق به ضرر من هذا الاستعمال.

الثانية : ليس من المقبول اطلاق الحرية للأهواء والتجاوزات الإجرائية دون قيد خاصة وأن الأمر يتعلق بإجراءات تتم أمام مرفق القضاء وهو مرفق عام الأصل فيه أن يباشر عمله بالمجان، ومن هنا وجب عدم التعسف في استعمال الحق في التقاضي والانحراف به عن الغاية منه وهي تحقيق مصلحة مشروعة للمتقاضي .

وقد اعتنق المشرع الأردني فكرة ربط قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع بفكرة المصلحة الشخصية والمباشرة والقائمة والمشروعة طبقاً للمادة 3 من قانون أصول المحاكمات المدنية .

ولما كان الأمر كذلك ، وان ضوابط استعمال الحق المنصوص عليها في المادة 66 مدني يجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن فكان يجب على محكمة الاستئناف استعراض بينات الدعوى وأسباب ومنطوق الحكم برد دعوى المنافسة غير المشروعة وتوابعها للوصول إلى بيان ما إذا كانت المميز ضدها متعسفة باستعمال حقها أم لا .

وأن ما نصت عليه المادة 101 من الدستور لا تكفي للقول بعدم مسؤولية المميز ضدها عن الضرر الذي لحق بالمميز في حال ثبوته وتوافر احدى الضوابط المشار إليها آنفاً .

وحيث إن محكمة الاستئناف لم تعالج الدعوى من واقع البينات المقدمة فيها وفق الضوابط المشار إليها فإن حكمها يغدو والحالة هذه مشوباً بقصور في التسبيب والتعليل مما يجعل أسباب الطعن واردة على حكمها المطعون فيه وتوجب نقضه.

 

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني .

قراراً صدر بتاريخ 5 شوال سنة 1441 هـ الموافق 28/5/2020 م.

عضــــــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــــو الرئــــــــــــــــــــــيس

عضـــــــــــــــــــــــو عضــــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــــــــو

عضـــــــــــــــــــــــو عضــــــــــــــــــــو عضـــــــــــــــــــــــــو

رئيس الديـــوان

دقــق / غ.د

914-h2020 غ.د