القرار رقم 1516 لسنة 2020 الصادر عن هيئة القاضي محمد الغزو - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

محكمة التمييز الأردنية                                المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها: الحقوقية                                  وزارة العــدل  
رقم القضية: 1516/2020                                القــرار

                   الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

                 الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

    عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم

 

الهيئة الحاكمة برئاسة السيــــد الرئيس محمد الغزو

وعضوية القضاة السادة

محمد متروك العجارمة , "محمد طلال " الحمصي, د. مصطفى العساف , د. سعيد الهياجنة , ناصر التل , د. فؤاد الدرادكة , د. عيسى المومني , أحمد طاهر ولد علي

التمييز الأول :-

المميزة: شركة البنك الأردني الكويتي .

وكيلاها المحاميان لبنى الهلسة وحرب ناصر . 

 

المميز ضدها : شركة البوابة للشرق الأوسط المحدودة .

وكيلها المحامي خلدون أبو هزيم .

 

التمييز الثاني :

المميز : بنك سوسيته جنرال الأردن.

 وكلاؤه المحامون رجائي الدجاني ويزيد صلاح  ومحمد شريف وبشار عموري وأحمد حمدان وعمر عبد العزيز وأنس أيوب .

 

المميز ضدها : شركة البوابة للشرق الأوسط المحدودة .

وكلاؤها المحامون أسامة الوزني وطلال بكري وخلدون أبو هزيم ومحمد أبو جاموس وخالد أبو هزيم .

قدم في هذه الدعوى تمييزان بتاريخ 16/1/2020  ومقدمين من المميزة في التمييز الأول شركة البنك الأردني الكويتي والمميز في التمييز الثاني بنك سوسيته جنرال الأردن وذلك للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف عمان في الدعوى رقم (43164/2018) تاريخ 31/12/2019 القاضي بعد اتباع النقض الصادر بموجب قرار محكمة التمييز رقم (4584/2018) تاريخ 24/9/2018 بفسخ القرار المستأنف الصادر عن محكمة بداية حقوق شمال عمان في الدعوى رقم (1065/2012) تاريخ 17/11/2015 والحكم للمدعية على المدعى عليه بنك سوسيته والمدعى عليه الثالث بالتكافل والتضامن بمبلغ (14585) ديناراً بالإضافة إلى الرسوم النسبية والحكم على المدعى عليها شركة البنك الأردني الكويتي والمدعى عليه الثالث بالتكافل والتضامن للمدعية بمبلغ (35327) ديناراً و500 فلس وإلزام المدعى عليه الثالث سوبراهمينا بباقي المبلغ البالغ (49912) ديناراً و500 فلس بالإضافة إلى الرسوم النسبية والحكم بالمصاريف على المدعى عليهم بنسبة المبلغ المحكوم به على كل منهم والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام على كل واحد حسب المبلغ المحكوم به والحكم للمدعي بمبلغ 1500 دينار بدل أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي بواقع 200 دينار على بنك سوسيته ومبلغ 500 دينار على المدعى عليها شركة البنك الأردني الكويتي ومبلغ 800 دينار على المدعى عليه الثالث .

ويتلخص سبب التمييز الأول بما يلي :

  • إن القضية أعيدت من محكمة التمييز إلى محكمة الاستئناف لغاية احتساب نسبة مساهمة المميزة في الخطأ وقررت محكمة الاستئناف إجراء الخبرة وقدر الخبراء نسبة المساهمة (50%)  لكل طرف وصدر قرار محكمة الاستئناف بإلزام المميزة بمبلغ (35327) ديناراً على أساس أن قيم الشيكات المزورة والمسحوبة على المميزة هي بمقدار (70655) ديناراً ولأن الثابت أن القيمة هي (59404) ديناراً بواقع 71 شيكاً مزوراً وبالتالي فإن احتساب ( 50%) من هذا المبلغ يكون الناتج (29404) دنانير وليس المبلغ كاملاً المحكوم به خاصة أن المميزة قدمت في قائمة بيناتها المسلسل رقم (3) كتاباً صادراً عن المميز ضدها /الشركة المدعية تقر بموجبه بمبلغ الشيكات المزورة والمسحوبة على المميزة .

لهذا السبب طلبت وكيلة المميزة قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز موضوعاً .

وتتلخص أسباب التمييز الثاني بما يلي :

  1.  أخطأت محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة المقدم من الخبراء المحامي ممدوح الرشيدات والمحامي إبراهيم أبو شويمة والمحامي عبد الكريم القطاونة حيث تبين في خبرة الخطوط أمام محكمة البداية أن تزوير الشيكات متقن لدرجة كبيرة ولا يمكن اكتشافه إلا من خبير مختص .
  2.  أخطأت محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة حيث إن قول الخبراء أن البنكين يتحملان نصف المسؤولية على سند أنه كان يتوجب عليهما الاتصال بالساحب للتأكد من إصدار الشيك قول لا أساس له في الاجتهاد القضائي والفقه .
  3.  أخطأت محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة حيث إن قول الخبراء أن البنكين يتحملان نصف المسؤولية على سند أنه كان يتوجب عليهما إرسال كشوفات حساب للشركة المدعية يثبت أن الخبراء لم يطلعوا على أوراق الدعوى .
  4.  أخطأت محكمة الاستئناف حينما قالت في معرض تبرير حكمها أن الثابت في الدعوى أن ممثل المدعية سارع إلى تقديم شكاوى بحق المدعى عليه الثالث حيث تريد المحكمة القول إن المدعية لم تقصر وأغفلت أن مسؤولية المدعية هنا هي مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع حيث إن المدير المالي للمدعية هو الذي زور الشيكات .
  5.  أخطأت محكمة الاستئناف حينما أغفلت أن التزام البنك بالتحقق من صحة توقيع العميل هو التزام ببذل عناية وليس التزام بتحقيق نتيجة كذلك بالرجوع إلى الخبرة الفنية التي جرت أمام محكمة البداية يتبين أن الخبير توصل إلى أن التزوير قام به المدير المالي للمدعية وهو متقن لدرجة كبيرة ولا يمكن اكتشافه إلا من خبير مختص .
  6.  أخطأت محكمة الاستئناف حينما تجاهلت النصوص والشروحات الفقهية التي ساقها المميز بكافة مراحل الدعوى .
  7.  أخطأت محكمة الاستئناف حينما انتقت اجتهادات قضائية معينة حجبت نفسها عن أحكام أخرى مثل القرار رقم (1129/1993) وقرار رقم (1136/1996) وقرار رقم (2110/2008) .
  8. أخطأت محكمة الاستئناف حينما استشهدت بأحكام تمييزية لا تنطبق على وقائع الدعوى.
  9. أخطأت محكمة الاستئناف حينما قضت للمدعية بأكثر مما طلبت حيث قضت لها بإلزام البنك بدفع (14585) ديناراً على الرغم من أن المطالبة هي بمبلغ ( 27232) ديناراً ونصفها (13616) ديناراً .

لهذه الأسباب طلب وكيل المميز قبول التمييز شكلاً ونقض القرار المميز .

القــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

بعـــــــــــد الاطـــــــــــلاع والتدقيــــــــــــق والمداولــــــة :

نجد أن المدعية (المميز ضدها) كانت قد أقامت بتاريخ 2/12/2010 الدعوى رقم (957/2010) ضد المدعى عليهم (المميز بالتمييز الأول والمميزة بالتمييز الثاني) وآخر لدى محكمة بداية حقوق شمال عمان لمطالبتهم بمبلغ (107241) ديناراً .

وذلـــــــــك علــــــــــى سنـــد مـــــــــن القــــــول :-

إن المدعـــى عليــه الثالـــث سوبراهمينا اهارما (هنــــدي الجنسيـــة) كان يعمل محاسباً في الشركة المدعية ومن طبيعة عمله أن يحتفظ بدفاتر شيكات الشركة المدعية لديه ، وخلال عام (2009) قام المدعى عليه الثالث بتزوير(27) شيكاً من دفاتر شيكات المدعية المروسة باسم بنك سوسيتيه جنرال الأردن حيث كان يقوم وبخط يده بتعبئة كل شيك بمبلغ معين باسم المستفيد محمد نمر إبراهيم نمر السيوري أو مراد سعيد عثمان أو أحمد عوض ثم يقوم بتزوير توقيع المفوض عن الشركة المدعية هاني واصف الجبشة ويسلم الشيك إلى واحد من الأربعة المذكورين الذي يقوم بصرفه من البنك ويحضر قيمته إلى الرابع ويسلمه هذه القيمة ويقوم بإعطائه مبلغ ضئيل من هذه القيمة حيث بلغت قيمة الشيكات المصروفة بهذه الطريقة (27232) ديناراً، كما قام المدعى عليه الثالث وخلال عام (2009) بتزوير (71) شيكاً من دفاتر شيكات الشركة المدعية المروسة باسم البنك الأردني الكويتي حيث قام بتعبئة هذه الشيكات بخط يده بأسماء مستفيدين ويقوم بتزوير توقيع المفوض بالتوقيع عن الشركة ويتم صرف الشيكات من البنك بالطريقة ذاتها ويتسلم قيمتها حيث بلغت قيمتها (80009) دنانير، وبسبب إهمال وقلة احتراز موظفي البنكين المدعى عليهما تم صرف الشيكات المزورة مما يجعلهما مسؤولين عن تعويض المدعية بقيمة تلك الشيكات ، ما حدا بالمدعية لإقامة هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان .

وأثناء نظر الدعوى تقرر بتاريخ 19/9/2012 إسقاط الدعوى للغياب ، حيث تم تجديد قيدها بالرقم 1065/2012 ، وبعد استكمال إجراءات التقاضي لدى محكمة الدرجة الأولى فيها أصدرت بتاريخ 17/11/2015 حكمهــا القاضــي الحكم بإلزام المدعى عليهما الأول والثالث بدفع مبلغ (59404) دنانير و (800) فلس ، وإلزام المدعى عليهما الثاني والثالث بدفع مبلغ (15545) ديناراً ، ورد الدعوى بما زاد على هذا المبلغ وتضمين المدعى عليهم الرسوم والمصاريف بنسبة المبلغ المحكوم به على كل منهم والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد التام ومبلغ(1000) دينار أتعاب محاماة بالتساوي بين المدعى عليهم.

لم ترتضِ المدعية ولا المدعى عليهما الأول والثانية بالحكم المذكور فطعنوا فيه استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان بالاستئناف رقم (34200/2016) .

وبتاريخ 6/4/2017 أصدرت محكمة الاستئناف حكمها المتضمن فسخ الحكم المستأنف .

لم يلقَ هذا الحكم قبولاً لدى المستأنف الأول والمستأنفة الثانية فطعنا فيه تمييزاً بالتمييز رقم (3907/2017) .

وبتاريخ 13/11/2017 أصدرت الهيئة العادية في محكمة التمييز قرارهـــــــــا القاضـــــــي بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني ومن ثم إصدار الحكم المناسب .

حيـــــث جـــــــــاء فيـــــــــــه :-

وقبل الرد على أسباب التمييز الأول :- فإننا ومن الرجوع إلى أحكام المادة (193/5) من قانون أصول المحاكمات المدنية نجد أنها تنص (أسباب الطعن بالتمييز واضحة خالية من الجدل ، وفي بنود مستقلة مرقمة ، وعلى المميز أن يبين طلباته ، وله أن يرفق بلائحة التمييز مذكرة توضيحية حول أسباب الطعن) وحيث إن لائحة التمييز المقدمة جاءت مخالفة لمتطلبات هذه المادة مما اقتضى التنويه) .  

ورداً على أسباب التمييزين :-

وعن السبب السابع من أسباب الطعن التمييزي الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن التمييزي الثاني :-

ومؤداهما تخطئة محكمة الاستئناف بعدم معالجة الوقائع الواردة والمحددة بالسبب السابع من أسباب الاستئناف وعندما رفضت إجراء الخبرة لحساب نسبة مساهمة المميز ضدها في الخطأ الحاصل :

فهما في محلهما ، ذلك أن المستقر عليه باجتهاد محكمة التمييز أن نظرية تحمل المخاطر لا تؤخذ على إطلاقها ويرد عليها قيد وهي مساهمة المودع بالخطأ من حيث عدم المحافظة على دفتر الشيكات الخاص به وهنا يجب حساب نسبة مساهمة كل طرف في الخطأ المترتب من جهته  (قرار رقم 3018/2005).

كما أن المقرر بمقتضى المادة (83) من قانون أصول المحاكمات المدنية أن للمحكمة في أي دور من أدوار المحاكمة أن تقرر الكشف والخبرة من قبل خبير
أو أكثر .... أو لأي أمر ترى لزوم إجراء الخبرة عليه .

فلما كان ذلك وحيث إن البين من خلال أوراق الدعوى أن المميزتين كانتا تقومان بإرسال كشوف الحساب للمميز ضدها شهرياً وتتسلمها بشكل دوري ، وحيث إن الشيكات المدعى تزويرها (وثبت تزويرها) وتم صرفها من قبل البنكين المميزين لصالح المستفيدين منها كانت في عامي (2008 و 2009) وفقاً للتواريخ الواردة عليها وحيث إن المميز ضدها تقدمت بشكواها ضد مديرها المالي بتاريخ 10/8/2009 إلى مركز أمن الرشيد وبعد صرف معظم الشيكات المزورة بمدة تزيد على ستة أشهر ، وحيث إن هذه الوقائع بمجملها تشكل خطأً بحق المميز ضدها  مما كان يوجب على محكمة الاستئناف ولولوج وجه الحق في الدعوى وطالما أن الطاعنتين تمسكتا بأن قيام موظفيهما بصرف الشيكات موضوع الدعوى رغم أن ما توصلت إليه الخبرة من إن هنالك اتقاناً في التوقيعات الواردة عليها حيث إن التشابه بينها وبين توقيع المدعو هاني (ممثل الجهة المدعية) تشابه كبير وإلى الحد الذي يمكن أن ينطلي على موظف البنك ولا يمكن اكتشافه إلا من قبل خبير متخصص ، أن تجري خبرة بوساطة خبراء متخصصين لتحديد نسبة مساهمة كل من المدعية والطاعنين في وقوع هذا الخطأ ومن ثم وفي ضوء تحديد تلك النسبة إصدار الحكم المناسب ، وحيث أصدرت حكمها المطعون فيه قبل ذلك ولم تعلل سبب عدم لجوئها إلى ذلك مما يجعل حكمها المطعون فيه مشوباً بفساد التعليل والتسبيب وسابقاً لأوانه مما يقتضي نقضه .

وبعد النقض والإعادة أعيد قيد الدعوى بالرقم (55066/2017) ، حيث شرعت محكمة الاستئناف بإجراءات المحاكمة لديها وتلي قرار النقض رقم (3907/2017) بحضور أطراف الدعوى وبعد استماع مرافعاتهم مارست خيارها بما لها من صلاحية في عدم اتباع النقض والإصرار على حكمها السابق للعلل والأسباب ذاتها الواردة فيه وأصدرت بتاريخ 29/3/2018 وجاهياً حكمها المطعون فيه والمنوه عنه في مطلع هذا القرار .

لم يلقَ هذا الحكم قبولاً لدى المستأنف الأول والمستأنفة الثانية فطعنا فيه تمييزاً الأول بتاريخ 3/4/2018 والثاني بتاريخ 16/4/2018 للأسباب الواردة بلائحة تمييز كل منهما والمنوه عنها أعلاه.

وبتاريخ 24/9/2018 أصدرت محكمة التمييز بهيئتها العامة حكمها رقم (4584/2018) المتضمن ما يلي:

 

(( ورداً على أسباب التمييزين :-

وعن السبب الأول من أسباب الطعن التمييزي الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن التمييزي الثاني :-

ومؤداهما تخطئة محكمة الاستئناف بعدم اتباع قرار النقض وبعدم ردها على الدفوع المحددة بالسبب السابع من أسباب الاستئناف وعندما لم تقم بإجراء الخبرة لحساب نسبة مساهمة المميز ضدها في الخطأ الحاصل :

فهما في محلهما ، ذلك أن المقرر بمقتضى المادتين (201 و 202) من قانون أصول المحاكمات المدنية أن لمحكمة الاستئناف بعد نقض حكمها المطعون فيه أن تدعو فرقاء الدعوى وتتلو قرار التمييز وتسمع أقوال الفرقاء حوله ثم تقرر إما قبول النقض أو الإصرار على حكمها السابق للعلل والأسباب الواردة فيه .

وحيث اختارت محكمة الاستئناف الإصرار على حكمها السابق للعلل والأسباب ذاتها الواردة فيه فتكون قد مارست صلاحيتها القانونية .

غير أن ممارستها تلك لم تكن في محلها إذ إن المستقر عليه باجتهاد محكمة التمييز أن نظرية تحمل المخاطر لا تؤخذ على إطلاقها ويرد عليها قيد وهي مساهمة المودع بالخطأ من حيث عدم المحافظة على دفتر الشيكات الخاص به وهنا يجب حساب نسبة مساهمة كل طرف في الخطأ المترتب من جهته (قـــــــــرار رقـــــــــــم 3018/2005).

كما أن المقرر بمقتضى المادة (83) من قانون أصول المحاكمات المدنية أن للمحكمة في أي دور من أدوار المحاكمة أن تقرر الكشف والخبرة من قبل خبير
أو أكثر .... أو لأي أمر ترى لزوم إجراء الخبرة عليه .

فلما كان ذلك وحيث إن البين من خلال أوراق الدعوى أن المميزتين كانتا تقومان بإرسال كشوف الحساب للمميز ضدها شهرياً وتتسلمها بشكل دوري ، وحيث إن الشيكات قد ثبت تزويرها وتم صرفها من قبل البنك المميز لصالح المستفيدين منها كانت في عامي (2008 و 2009) وفقاً للتواريخ الواردة عليها وحيث إن المميز ضدها تقدمت بشكواها ضد مديرها المالي بتاريخ 10/8/2009 إلى مركز أمن الرشيد وبعد صرف معظم الشيكات المزورة بمدة تزيد على ستة أشهر ، وحيث إن هذه الوقائع بمجملها تشكل خطأً بحق المميز ضدها ، وكان يجب على محكمة الاستئناف بيان وجه الحق في الدعوى سيما وأن الطاعنتين تمسكتا بأن قيام موظفيهما بصرف الشيكات موضوع الدعوى رغم أن ما توصلت إليه الخبرة من أن هنالك إتقاناً في التوقيعات الواردة عليها حيث إن التشابه بينها وبين توقيع المدعو هاني (ممثل الجهة المدعية) تشابه كبير وإلى الحد الذي يمكن أن ينطلي على موظف البنك ولا يمكن اكتشافه إلا من قبل خبير متخصص ، أن تجري خبرة بوساطة خبراء متخصصين لتحديد نسبة مساهمة كل من المدعية والطاعنين في وقوع هذا الخطأ ومن ثم وفي ضوء ذلك إصدار الحكم المناسب ، وحيث أصدرت حكمها المطعون فيه قبل التحقق من هذه المسألة ولم تعلل سبب عدم لجوئها إلى ذلك مما يجعل حكمها المطعون فيه مشوباً بفساد التعليل والتسبيب وسابقاً لأوانه مما يقتضي نقضه .

لهذا وتأسيساً على ما تقدم ودون الحاجة للرد على باقي أسباب التمييزين نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها للامتثال لقرار النقض وإجراء المقتضى القانوني ومن ثم إصدار الحكم المناسب)) .

 

أعيدت الدعوى إلى محكمة الاستئناف برقم (43164/2018) حيث تقرر اتباع قرار النقض وإجراء الخبرة المشار إليها في القرار المذكور وبعد استكمال الإجراءات أصدرت المحكمة بتاريخ 31/12/2019 حكمها المتضمن فسخ الحكم المستأنف والحكم للمدعية على المدعى عليه بنك سوسيته والمدعى عليه الثالث بالتكافل والتضامن بمبلغ (14585) ديناراً والرسوم النسبية والحكم على المدعى عليها شركة البنك الأردني الكويتي والمدعى عليه الثالث بالتكافل والتضامن بمبلغ (35327) ديناراً و500 فلس للمدعية وإلزام المدعى عليه الثالث بباقي المبلغ البالغ (49912) ديناراً و500 فلس بالإضافة إلى الرسوم النسبية والحكم بالمصاريف على المدعى عليهم بنسبة المبلغ المحكوم به على كل منهم والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام على كل واحد حسب المبلغ المحكوم به والحكم للمدعية بمبلغ 1500 دينار بدل أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي بواقع مئتي دينار على بنك سوسيته ومبلغ 500 دينار على شركة البنك الأردني الكويتي ومبلغ 800 دينار على المدعى عليه الثالث .

لم يقبل المدعى عليهما الأول البنك الأردني الكويتي والثاني بنك سوسيته جنرال الأردن بالحكم الاستئنافي فطعن فيه كل منهما تمييزاً للأسباب الواردة في لائحتي التمييز المقدمتين منهما بتاريخ 16/1/2020 وكلاهما ضمن المهلة القانونية .

وتبلغ وكيل المميز ضدها لائحتي التمييز ولم يقدم لائحة جوابية .

ورداً على أسباب التمييز المقدم من بنك سوسيته جنرال الأردن :

 وعن الأسباب الأول والثاني والثالث والتي تدور حول تخطئة محكمة الاستئناف باعتماد تقرير الخبرة المقدم بعد النقض والمتضمن أن البنكين يتحملان نصف المسؤولية والخطأ في صرف الشيكات موضوع الدعوى .

 وفي ذلك نجد أن محكمتنا وبقرار النقض رقم (3907/2017)  وقرار النقض رقم (4584/2018) الصادر عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز بعد أن قررت محكمة الاستئناف عدم اتباع قرار النقض رقم (3907/2017) فقد تضمن قرار الهيئة العامة أنه كان على المحكمة (بيان وجه الحق في الدعوى سيما أن الطاعنتين تمسكتا بأن قيام موظفيهما بصرف الشيكات موضوع الدعوى رغم أن ما توصلت إليه الخبرة من أن هنالك اتقاناً في التوقيعات الواردة عليها حيث إن التشابه بينها وبين توقيع المدعو (هاني) ممثل الجهة المدعية تشابه كبير وإلى الحد الذي يمكن أن ينطلي على موظف البنك ولا يمكن اكتشافه إلا من قبل خبير متخصص أن تجري خبرة بوساطة خبراء متخصصين لتحديد نسبة مساهمة كل من المدعية والطاعنين في وقوع هذا الخطأ ومن ثم وفي ضوء ذلك إصدار الحكم المناسب ) ونجد أن محكمة الاستئناف بعد أن اتبعت قرار الهيئة العامة المشار إليها عمدت إلى اختيار ثلاثة خبراء محامين وقدموا تقرير خبرة موجز أشاروا فيه إلى أنه (تم اعتماد الأساس هو مساهمة كل منهم بالخطأ حيث إن البنك كان يتوجب عليه أن يتم الاتصال بالساحب للتأكد من إصداره للشيك الغاية من ذلك وإرسال الحسابات الشهرية (الكشف) للساحب والتدقيق في الشيكات أكثر من ذلك أما بالنسبة للمحاسب الذي قام بالتزوير ( تزوير التوقيع) وبشكل متقن يصعب على الشخص العادي اكتشافه ويحتاج إلى خبير لكشف التزوير وكذلك الساحب الذي لم يقم بالتدقيق على الحسابات وأرقام الشيكات حيث إنها كلها لدى شخص وأن يكون هناك تدقيق للشيكات وحسب أرقامها من قبله ) .

وبناءً على ما ذكره الخبراء قدروا مساهمة كل من الجهة المدعية والبنكين في الخطأ بنسبة 50 % .

وتجد محكمتنا أن ما أورده الخبراء لا يصلح أساساً لاعتماد الخبرة وأنه كان على المحكمة أن تدقق في ذلك الأساس الذي اتخذه الخبراء لتقدير نسبة الخطأ فمن حيث وجوب اتصال البنك بالساحب للتأكد من إصداره للشيك والغاية من ذلك .

فهذا الأمر وإن كان متصوراً من الناحية النظرية إلا أن اتباع هذا الإجراء من الناحية العملية لن يجعل أعمال البنك في صرف الشيكات تسير على الوجه المطلوب بيُسر وسهولة إذ إن واجب البنك التحقق من توقيع العميل على النموذج المحفوظ لديه واتباع الإجراءات اللازمة في صرف الشيكات والأخذ بعين الاعتبار الشيكات ذات القيمة المالية أما من حيث إرسال كشوفات للساحب فإن الخبرة يتعين أن تجري في ضوء البينة المقدمة في الدعوى ولم يُشر الخبراء لاطلاعهم على كشوف الحساب فيما إذا أرسلت من البنك للجهة المدعية أم لا وأثر ذلك على نتيجة الخبرة ومن حيث ما أشار إليه الخبراء بأن توقيع المحاسب الذي قام بتزوير الشيكات بشكل متقن لم يبين الخبراء أثر ذلك على خطأ البنك في صرف الشيكات وفي ضوء ما تقدم فإن اعتماد هذا التقرير لم يكن في محله وتشير محكمتنا إلى أن ما تضمنه قرار الهيئة العامة رقم 4584/2018 بإجراء الخبرة من خبراء متخصصين لتحديد نسبة مساهمة كل من الجهة المدعية والبنك في وقوع الخطأ يقتضي انتخاب خبراء متخصصين في أعمال البنوك خاصة تلك المتعلقة بعمليات السحب وصرف الشيكات يمكن للمحكمة انتخابهم بترشيح من جمعية البنوك أو البنك المركزي أو موظفي البنوك المتقاعدين ذوي الخبرة بالإضافة لمحامٍ أستاذ وإذ لم تراعِ محكمة الاستئناف ذلك عند انتخاب الخبراء فقد جاء حكمها باعتماد هذه الخبرة في غير محله مستوجباً النقض لورود هذه الأسباب عليه .

 

وعن باقي أسباب التمييز التي تدور حول تخطئة محكمة الاستئناف فيما قررته حول مسؤولية الجهة المدعية وأن التزام البنك بالتحقق من صحة توقيع العميل هو التزام ببذل عناية وعدم الأخذ باجتهادات قضائية والنصوص والمشروحات الفقهية حول عدم مسؤولية البنك بحال تقصير العميل بالمحافظة على دفتر شيكاته أو إهماله بمراقبة مستخدميه .

فإن في ردنا على الأسباب الأول والثاني والثالث من أسباب التمييز ما يغني عن الرد على هذه الأسباب وذلك أن الخبرة الفنية التي يتعين أن تجريها المحكمة حول مساهمة كل طرف بالخطأ في صرف الشيكات ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار البينات المقدمة من طرفي الدعوى وأن تبسط المحكمة رقابتها على ما تتوصل إليه الخبرة من هذه البينات وبهذا التوضيح فقد استنفدت هذه الأسباب الغاية منها  .

 

وعن سبب التمييز المقدم من شركة البنك الأردني الكويتي :

 من حيث ما توصلت إليه المحكمة بإلزام البنك بمبلغ 35327,500 ديناراً رغم أن قيم الشيكات المسحوبة على البنك تبلغ 59404 دنانير وأن الخبراء قدروا نسبة المساهمة بمقدار 50 % لكل طرف .

فإن الرد على هذا السبب سابق لأوانه في ضوء ما توصلت إليه محكمتنا بردها على أسباب التمييز المقدم من بنك سوسيته جنرال من حيث عدم صحة اعتماد الخبرة التي جرت بعد النقض أساساً للحكم .

 

لهذا نقرر نقض الحكم المميز وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني.

 

    قراراً صدر بتاريخ 22 رجب سنة 1441 هـ الموافق 17/3/2020م

عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو         عضـــــــــــــــــــــــــــــــــو                  الرئيـــــــــــــــــــــــــــــــــس

 

 

 

عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو                  عضـــــــــــــــــــــــــــــــــــو                  عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو

                                    

عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو                 عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو                  عضــــــــــــــــــــــــــــــــــــو

 

 

 

رئيس الديـــوان

 

دقـــــق / ن.د