القرار رقم 451 لسنة 2020 الصادر عن هيئة القاضي محمد إبراهيم - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الجزائية

محكمة التمييز الأردنية                                 المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها : الجزائية                                             وزارة العــدل      
رقم القضية: 451/2020
                                                                القــــــــــــــــــــــــــــرار

       الصـادر عـن محكمـة التمييـز المأذونـة بإجـراء المحاكمـة وإصدار

                   الحكـم باسـم حضـرة صاحـب الجلالـة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

               عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم

الهيئـة الحاكمـة برئاسـة القاضـي السيــد محمــد إبراهيـــم

وعضويــة القضـــاة الســـادة

ناجـــــي الزعبــــــي، ياسيــــــن العبدالــلات، باسم المبيضين ، سعيــــد مغيــــض، ماجـــد العـــزب ، د. نايف السمارات ، حمد الغزاوي ، رزق أبو الفول

 

المميز :- عدنان عبد اقطيش الفروخ .

وكيله المحامي محمد أبو غنيمة .

المميز ضده :- الحق العام .

بتاريخ 29/12/2019 تقدم المميز بهذا التمييز للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف عمان/جناية في القضية الجنائية رقم (24068/ 2019) الصادر بتاريخ 17/12/2019 المتضمن رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المميز .

 

طالباً قبول التمييز شكلاً وفي الموضوع نقض القرار للأسباب التالية :-

أولاً : خالفت محكمة الاستئناف للمرة الثانية قرار محكمة التمييز رقم (405/2019) وسارت على خلاف ما قررته محكمتكم من ناحية إعادة وزن البينة حيث جاء بقراركم (ص 11و 13) ".. و جاءت نتيجة الخبرة الفنية لتبين أن الخط والبيانات في الكشف لا تعود للمتهم (المميز) عدنان وهذا بحد ذاته كافٍ لعدم الأخذ بأقوال الشهود المناقضة للدليل الفني .

 وعليه فإن بينة النيابة العامة أيضا جاءت قاصرة لإثبات هذه الواقعة بحق المميز عدنان .

 وعليه وفي ضوء ما تقدم فإن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف ومن قبلها محكمة الدرجة الأولى ووزنها للبينات بحق المتهم (المميز) عدنان مخالف لواقع البينة المقدمة .

 

ثانياً : أهدرت محكمة الاستئناف مبدأ الدفاع الشرعي باستبعادها تقرير الخبرة الفنية على كشف جرد مادة شاي الليبتون دون سند من القانون وأن استخلاصها للنتيجة التي خلصت إليها بخصوص تقرير الخبرة استخلاص مخالف للقانون وأن قرار محكمة الاستئناف مشوب بفساد الاستدلال فيما يتعلق بالرد على البينة الدفاعية المتمثلة بإجراء الخبرة الفنية على الكشف المبرز (ن/1) المتعلق بشاي الليبتون والكتب الرسمية المتضمنة شكر المميز على نتائج جرد قسم البقالة .

ثالثاً : لقد جاء قرار محكمة الاستئناف مشوباً بفساد الأدلة باستبعادها تقرير الخبرة الفنية الذي يدحض البينة الفنية المتمثلة بالمبرز (ن/1) وركونها إلى شهادات شهود لا ترقى الى مستوى البينة الفنية الداحضة ولا يمكن دحض تقرير الخبرة الفنية إلا بالأدلة والحجج القاطعة والقرائن المتضافرة وهي من المبادئ الجوهرية التي تفرض ذاتها على القضاء بحيث لا يجوز للقاضي تجاهلها أو الامتناع عن تطبيقها.

 

رابعاً : أخطأت محكمة الاستئناف بقرارها عندما اجتزأت مقاطع من أقوال الشهود تجزئة خاطئة غير منطقية وذهولها عن هذه الشهادات السماعية التي لم تتطابق مع بعضها البعض وأهدرت شهادات شهود الدفاع التي جاءت متساندة مع بعضها البعض من ناحية عدم قبض المميز لأية نقود أو صلاحيته بشطب أية مواد أو حصوله على كسب غير مشروع من عمله أو فتح صناديق الكاش أو استلام البضائع ... ولم يشهد أيا من شهود النيابة العامة المشكوك بشهاداتهم أصلاً على قيام المميز بقبض أية مبالغ مالية أو أخذ بضائع من السوق أمامهم وكل الشهادات التي وردت بهذه الأمور كانت سماعية من الشاهد محمود صافي والذي لا يمكن الاطمئنان لشهادته كونه الوحيد الذي قام بسرد تلك الوقائع المزعومة والتي لا ترقى إلى الدليل القانوني المقنع اليقيني الجازم .

خامساً : اخطأت محكمة الاستئناف باستنادها الى بينات سماعية جاءت محاطة بظلال من الشكوك و لا تصلح لبناء حكم جزائي بتجريم المميز بالاستناد الى أقوال الشاهدتين كل من سهى النسعة وسحر المناصير والتي جاءت سماعية من الشاهد محمود صافي لا سيما وأن الشاهدة هند الدغمي بنت تقريرها المبرز (ن/1) بناء على تلك الشهادات السماعية المشكوك فيها والمتناقضة والتي تخالف المنطق العقلي السليم والتي لم تعزز بأي دليل فني محاسبي .

 

سادساً : أخطأت محكمة الاستئناف بإهدارها مبدأ الدفاع الشرعي بشكل مطلق وعدم التطرق الى البينات الدفاعية المتساندة مع إفادة المميز واستنادها إلى جزء متهاتر ومشكوك فيه ومتناقض مع بينات النيابة العامة دون مبرر قانوني وذهولها عن كتاب الشكر المتعلق بالجرد في يومي 20 و21/10/2011  فالتجريم لا يجوز أن يكون إلا بناءً على أدلة ساطعة و دامغة وأكيدة وحازمة لا شك فيها.

 

سابعاً : أخطأت محكمة الاستئناف بقرارها إذ جاء متناقضا في حيثياته وغير واضح يدمغه الخطأ في الاستدلال والاستنتاج و يكتنفه الشك والغموض الأمر الذي أوقعها بمخالفة نص المادة(274) من الأصول الجزائية .

 

ثامناً : وبالتناوب فإن قرار محكمة الاستئناف مشوب بقصور في العليل والتسبيب ومخالف لمقتضيات المادة (237) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

 

بتاريخ 27/1/2020  تقدم مساعد رئيس النيابة العامة بمطالعة خطية يطلب فيها قبول التمييز شكلاً ورده موضوعاً وتأييد القرار المميز .

القــــــــــــــــــــرار

بالتدقيق والمداولة قانوناً نجد أن النيابة العامة كانت قد أسندت للمتهمين :

1- عدنان عبد اقطيش الفروخ .

2- سعود عبدالله سعود الصقور .

التهمتين التاليتين :-

1- جناية الاختلاس بالاشتراك وفقاً لأحكام المادتين (174/3 و 76) من قانون العقوبات وبدلالة المواد (2 و 3 و 4) من قانون الجرائم الاقتصادية والمادة (5/أ) من قانون هيئة مكافحة الفساد مكررة ثلاث مرات .

2- جناية القيام بأفعال أدت إلى المساس بأموال عامة وفقاً لأحكام المادة (5/د) من قانون هيئة مكافحة الفساد وبدلالة المواد (2 و3و4) من قانون الجرائم الاقتصادية.

وكانت محكمة بداية جزاء غرب عمان بصفتها الجنائية قد أصدرت حكما برقم (22/2013) تاريخ 28/12/2014 يقضي بوضع المجرم عدنان عبد اقطيش الفروخ بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة والرسوم والغرامة (1260) ديناراً والرسوم والنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف ووضع المجرم سعود عبدالله سعود الصقور بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة والرسوم والغرامة (860) ديناراً والرسوم والنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف.

لم يرتض المتهم عدنان بهذا الحكم فطعن فيه استئنافاً وأصدرت محكمة الاستئناف قرارها رقم (9202/2015) تاريخ 16/4/2015 قضت فيه بفسخ القرار المستأنف للأسباب الواردة فيه .

كذلك لم يرتض المتهم سعود بهذا الحكم المنوه إليه أعلاه فطعن فيه استئنافاً وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (29734/2015) تاريخ 16/9/2015 قضت فيه بفسخ القرار المستأنف للأسباب الواردة فيه .

لدى الإعادة إلى محكمة بداية جزاء غرب عمان بصفتها الجنائية اتبعت الفسخ وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت حكما برقم (322/2015) تاريخ 13/1/2016 قضت فيه :-

بوضع المجرم عدنان عبد اقطيش الفروخ بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات والرسوم والغرامة (1260) ديناراً والرسوم والنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف .

ووضع المجرم سعود عبد الله الصقور بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات والرسوم والغرامة (860) ديناراً مع الرسوم والمصاريف والنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف .

لم يرتض المتهمان عدنان وسعود بهذا الحكم فطعنا فيه استئنافاً وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (9149/2016) تاريخ 30/3/2016 قضت فيه بفسخ القرار المستأنف للأسباب الواردة فيه .

لدى الإعادة إلى محكمة بداية جزاء عمان بصفتها الجنائية اتبعت الفسخ وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت حكماً بالرقم (217/2016) تاريخ 16/11/2016 قضت فيه بالقرار السابق نفسه والمنوه إليه أعلاه .

لم يرتض المتهمان عدنان وسعود بهذا الحكم فطعنا في استئنافاً وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (53695/2016) تاريخ 10/1/2017 قضت فيه بفسخ القرار المستأنف للأسباب الواردة فيه .

لدى الإعادة إلى محكمة بداية جزاء غرب عمان بصفتها الجنائية اتبعت الفسخ وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت حكماً بالرقم (83/2017) تاريخ 27/9/2017 قضت فيه بالقرار السابق نفسه والمنوه إليه أعلاه .

لم يرتض المتهمان عدنان و سعود بهذا الحكم فطعنا فيه استئنافاً وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (51519/2017) تاريخ 28/11/2017 قضت فيه بفسخ القرار المستأنف للأسباب الواردة فيه .

لدى الإعادة إلى محكمة بداية جزاء غرب عمان بصفتها الجنائية اتبعت الفسخ وبعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت حكماً بالرقم (214/2018) تاريخ 25/4/2018 توصلت فيه إلى اعتناق الواقعة الجرمية والتي تتلخص في الآتي:-

إن المتهم عدنان عبد اقطيش كان يعمل مدير سوق مرج الحمام للمؤسسة المدنية من تاريخ 25/1/2011 ولغاية تاريخ 15/3/2012 وإن المتهم سعود كان يعمل خازناً وأميناً للصندوق وفني باركود من تاريخ 24/12/2006 ولغاية 15/3/2012 وإنه من خلال عمل المتهمين في السوق في الوظائف المشار إليها أقدما وفي أوقات مختلفة ومتعاقبة على أخذ مواد تموينية وألبسة من السوق دون دفع ثمنها وهذا ما تأكد من خلال شهود النيابة العامة كما تم تعديل قيمة الزيادة من (1100) دينار لتصبح (473) ديناراً و تم سحب مبلغ (480) ديناراً من الكاش وهذا واضح من خلال تقرير اللجنة المقدم بتاريخ 28/2/2012 وشهادة الشاهد محمد خضور ومنها ( هذه فواتير المبيعات، نقاط المقدمة من المؤسسة المدنية ) التي عمل حركة مرتجع والتي بها ( بكرج قهوة وبطاريات جافة ومنظف متعدد الاستعمالات و صبغة شعر و مناديل مبللة و جل أرضيات و طربيزة بلاستيك وبلسم دوف وسائل جلي جولدن خمس مرات وطاولة كوي ثلاث مرات وبطارية جافة هونداي وكرسي بلاستيك وشامبو نيفيا وشامبو كلير أربع مرات ولمبة هونداي وشامبو صانسيلك ولادي أربع مرات ) كما عمدا في إحدى المرات بأن قاما بأخذ مبلغ (165) ديناراً من الكاش بعد أن تم إلغاء بعض المواد المباعة وذلك بشطب عمليات البيع بموجب الكود الخاص بالشطب والموجود بحوزة المتهم عدنان من خلال الشاهد محمود مستخدمين الكاش المخصص للشاهدة سهى النسعة وتقاسمهم هذا المبلغ مناصفة و الشاهد محمود الذي أعاد ما حصل عليه منها إلى الكاش و البالغ (400) دينار وهذا واضح من خلال الفاتورة رقم (91) تاريخ 23/10/2011 الموجود عليها اسم المادة لانشون بقري ودجاج معلب والذي تم إدخال هذه المادة على أنها بيعت بموجب الفاتورة رقم (005002460) بمبلغ (1650) ديناراً و ذلك حتى يغطوا المشطوب شاي ليبتون البالغة قيمته (1600) دينار والذي تم سؤالهم عن سبب شطب مادة الشاي نوع ليبتون من قبل اللجنة التي أجرت التفتيش وتم إرجاع مبلغ خمسين ديناراً وعليه تمت الملاحقة وتشكلت القضية

وبتطبيق المحكمة للقانون على الواقعة التي قنعت بها قضت بما يلي :-

بوضع المجرم عدنان عبد اقطيش الفروخ بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات والرسوم والغرامة (1260) ديناراً والرسوم وعملاً بأحكام المادة (45) من قانون العقوبات إلزامه بالنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف ووضع المجرم سعود عبدالله سعود الصقور بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات والرسوم والغرامة (860) ديناراً والرسوم وعملاً بأحكام المادة (45) من قانون العقوبات إلزامه بالنفقات القضائية والإدارية محسوبة له مدة التوقيف .

لم يرتض المتهمان عدنان وسعود بهذا الحكم فطعنا فيه استئنافا وأصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم (44708/2018) تاريخ 6/12/2018 قضت فيه برد الاستئنافين وتأييد القرار المستأنف .

لم يرتض المتهمان عدنان و سعود بهذا الحكم فطعنا فيه تمييزا .

نظرت محكمة التمييز القضية وأصدرت فيها قرارها رقم (405/2019) بتاريخ 9/4/2019 قضت فيه برد التمييز المقدم من المميز سعود وتأييد القرار الصادر بحقه ونقض القرار المميز بحق المميز عدنان الفروخ للعلل والأسباب الواردة في قرار النقض وإعادة الأوراق إلى محكمة الاستئناف لإجراء المقتضى القانوني .

لدى إعادة الأوراق إلى محكمة استئناف عمان سجلت القضية لديها بالرقم (13364/2019) وأصدرت قرارها بتاريخ 3/7/2019 الذي انتهت فيه إلى رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإعادة الأوراق إلى مصدرها بعد أن قامت بسرد واقعة النيابة والبينات المقدمة والتطبيقات القانونية وخلصت للنتائج السابقة ذاتها التي كانت محل طعن لدى محكمتنا وعلى أساسها تم نقض القرار السابق بحق المميز وهي بذلك قد تجاوزت الحق الممنوح لها الذي يقتصر فقط على قرار الإصرار على القرار السابق إن رأت عدم اتباع النقض وليس ومن بعد ذلك إعادة كتابة قرار كامل من جديد الأمر الذي يجعل من قرارها المميز مستوجباً للنقض دون حاجة للبحث في أسباب التمييز في هذه المرحلة .

لدى إعادة الأوراق الى محكمة الاستئناف للمرة الثانية أصدرت قرارها المميز بالأكثرية برد الاستئناف المقدم من المميز للعلل والأسباب السابقة ذاتها بما يعني إصرارها على قرارها السابق بالأكثرية .

وعن أسباب التمييز :

فبالنسبة لأسباب التمييز ومفادها تخطئة محكمة الاستئناف بعدم الأخذ بقرار محكمتنا في القضية رقم (405/2019) والطعن في وزن البينة وتقديرها .  

ففي ذلك نجد أن المادة (289) من قانون أصول المحاكمات الجزائية قد أعطت الحق لمحكمة الاستئناف أن تصر على قرارها المنقوض وحيث إن محكمة استئناف عمان في الحالة المطروحة قد اتبعت هذا الخيار فإنها بذلك قد مارست حقاً منحها إياه القانون .

ومحكمتنا بهيئتها العامة تجد أن الخلاف ما بين محكمتنا بهيئتها العادية وبين محكمة الاستئناف يتعلق فيما إذا كانت البينة المقدمة بمواجهة المميز تؤدي إلى تجريمه بما أسند  إليه أم لا ، وفي ذلك فإن اجتهاد محكمتنا بهذا الخصوص قد استقر على أن وزن البينة وتقديرها هو من صلاحيات محكمة الموضوع التي لها على مقتضى أحكام المادة (147) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الحرية في الأخذ بالدليل المقدم إن توافرت لديها القناعة به أو طرحه إن ساورها الشك بصحته دون معقب عليها في ذلك شريطة سلامة النتائج التي تتوصل إليها وأن تكون قناعتها سائغة ومقبولة ومبنية على أدلة حقيقية مقدمة في الدعوى ولها أصل ثابت فيها .

وفي الحالة المطروحة نجد بعد التدقيق في أوراق هذه القضية وكافة البينات المقدمة فيها أن إسناد النيابة العامة بمواجهة المميز ( عدنان عبد اقطيش الفروخ ) قد تضمن ثلاث وقائع فقط وتناقشها محكمتنا في ضوء البينات المقدمة على النحو التالي :-

1- الواقعة الأولى:- تتعلق بواقعة أخذه من المحكوم عليه (سعود) مبلغ (800) دينار من نتيجة المبلغ المتحصل من شطب مادة شاي ليبتون .

وحيث إن النيابة العامة قدمت شهودها على أن المميز (عدنان ) هو من قام بالتلاعب بالكشف المتعلق بمادة شاي الليبتون والشطب فيها وبالرجوع إلى أوراق الدعوى والبينات المقدمة فيها نجد أن محكمة الدرجة الأولى قد أجرت وبناء على طلب المميز ( عدنان ) الخبرة الفنية لتحديد ما إذا كان الخط المنسوب له على الكشف المتعلق بتلك المادة يعود له أم لا .

وجاءت نتيجة الخبرة الفنية أن الخط والبينات في الكشف لا تعود للمميز ( عدنان ) وهذا بحد ذاته كافٍ لعدم الأخذ بأقوال الشهود المناقضة للدليل الفني هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنه لم يرد بأقوال أي شاهد بحق المميز عدنان بأنه شاهد المحكوم عليه ( سعود ) يعطي المميز عدنان مبلغ (800) دينار وكذلك أقوال المحكوم عليه سعود لم يرد فيها ما يؤكد بأنه قد أعطى المميز عدنان هذا المبلغ وبذلك فإن هذه الواقعة لم يرد أي دليل قطعي على ثبوتها بحق المميز عدنان .

 

2- الواقعة الثانية :- الواردة في إسناد النيابة العامة والتي تنحصر في أقوال الشاهد ناصر بأن هنالك مبلغاً فائضاً في قسم النوفوتيه بحدود ستمئة دينار .

وبالرجوع إلى أقوال الشاهد نجد بأنه قد ذكر بأنه قد سلم المبلغ إلى المحكوم عليه سعود وأن هذا الأخير أخبره بأنه أعطاه للمميز عدنان أي أنه لم يرد أي دليل يفيد بقيام المحكوم عليه سعود بتسليم المميز عدنان المبلغ أو أي جزء منه علماً بأن المبلغ هو في عهدة الشاهد ناصر وسلمه كما يدعي للمحكوم عليه سعود الذي يشغل وظيفة أمين صندوق وكان عليه أن يودعه في البنك وبالتالي فإنه لم يرد أي دليل قانوني يربط المميز عدنان بهذه الواقعة أيضا .

3- الواقعة الثالثة :- هي ما ورد على لسان بعض الشهود من العاملين في المؤسسة التي كان المميز عدنان يعمل مديراً لها بأن المميز عدنان كان يأخذ أغراض من قسم البقالة والنوفوتيه ودون أن يدفع ثمنها .

وبالرجوع الى أوراق الدعوى والبينات المقدمة فيها نجد أن المميز عدنان قدم شاهد دفاع وهو مندوب شركة الألبان والذي يقوم بتوريد الألبان للمؤسسة قد أكد بشهادته أنه لا يعطي المؤسسة إلا بناءً على فواتير ويسترد الألبان منتهية الصلاحية بفواتير دون أن يعطي أي زيادة (بونص) وهذا يتناقض مع أقوال شهود النيابة بهذا الخصوص وهذا الشاهد هو الأقرب والأولى للاطمئنان لشهادته كونه مندوب شركة الألبان الذي يقوم بتزويد المؤسسة المدنية بالألبان ومما يؤكد ذلك أنه لم يرد في بينات النيابة العامة ما يشير الى وجود أي نقص في حصيلة المبيعات للمواد الموردة إلى المؤسسة بموجب فواتير منظمة حسب الأصول كما أن أقوال الشاهد ناصر المسؤول عن قسم النوفوتيه أصبحت محل شك إذ إنه هو الذي يفترض أن يسأل عن أي نقص في البضاعة كونها في عهدته وعليه فإن بينة النيابة العامة أيضاً جاءت قاصرة لإثبات هذه الواقعة بحق المميز عدنان أما بخصوص تصحيح بعض الأخطاء في حساب الكميات فقد أكد شاهد الدفاع خلف أحمد الذي كان يعمل مدير سوق ومدير وحدة الرقابة الداخلية أنه وفي حالة أخطأ البائع بحساب كمية بضاعة معينة مثل (3) علب وتسجل (300) فإنه يتم تصحيح الخطأ من خلال المراقب أو المحاسب الذي معه الرقم السري ( الباركود ) وإذا تم تعديل الخطأ يصبح الكاش مطابقاً للأصل أي أنه لا توجد زيادة أو نقصان ولا يسجل هذا نقص مالي .

أما في الوضع الطبيعي فهنالك رقابة على الكاش وإذا وجد زيادة أو نقص ما بين الكاش والرول يظهر في اليوم نفسه حين تصفير الكاش ومن المستحيل أن يظهر بعد سنة .

وعليه وفي ضوء ما تقدم وحيث إن الإدانة والتجريم لابد من أن تكون مؤسسة على أدلة قاطعة وثابتة بأن المميز عدنان قد أدخل بذمته المبالغ الواردة في إسناد النيابة العامة وهو ما لم يتوفر في الحالة ، الأمر الذي يجعل أسباب التمييز واردة على القرار المميز مما يستوجب نقضه بحق المميز (عدنان ) وهذا ما توصلت إليه محكمتنا بهيئتها العادية .

وعليه وتأسيسا على ما تقدم واستناداً إلى أحكام المادة (289/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية نقرر نقض القرار المميز وبالوقت نفسه وعملاً بأحكام المادة (236) من القانون ذاته نقرر الحكم بإعلان براءة المميز عدنان عبد اقطيش الفروخ مما أسند إليه وإعادة الأوراق إلى مصدرها .

قــــراراً صـــدر بتاريـــخ 22 رجب 1441 هـ المــوافـــق 17/3/2020م.  

 

عضـــــــــو                     عضـــــــــو               برئاسة القاضـــي

عضـــــــــــــــــو              عضــــــــــــــــو            عضـــــــــــــــــو                                                                                                                                                               

عضـــــــــــــــــو              عضــــــــــــــــو            عضـــــــــــــــــو