القرار رقم 8540 لسنة 2019 الصادر عن هيئة القاضي مصطفى العساف - هيئة عامة

محكمة التمييز بصفتها الحقوقية

 

 

محكمة التمييز الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية

بصفتها : الحقوقية وزارة العــــــــــــدل
رقم القضية: القـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

8540/2019 الصادر عن محكمة التمييز المأذونة بإجراء المحاكمة وإصدار

الحكم باسم حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية

عبــد الله الثانـــي ابـــن الحسيــن المعظــم

الهيئة الحاكمة برئاسة القاضي السيـد د. مصطفى العساف .

وعضويـــة القضاة السادة .

د. سعيد الهياجنة ، ناصر التل ، د. فؤاد الدرادكة ، د. عيسى المومني
محمد البدور ، جواد الشوا ، فايز بني هاني ، " محمد عمر " مقنصة .

-------------------------------------

التمييز الأول :

المميــــــــــــــــــــــــــــــــــزة:

الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض.
وكيلها المحامي حاتم الشريدة.

 

المميز ضدهــــــــــــــــــــــــــــــــم:

  1. رافع سعود سالم سليم الشخوت.

  2. نافع سعود سالم سليم الشخوت.

  3. فالح سعود سالم سليم الشخوت.

  4. سليم سعود سالم الشخوت.

  5. مد الله سعود سالم الشخوت.

  6. ترفة سعود سالم الشخوت.

  7. فلحة سعود سالم الشخوت.

  8. فليحة سعود سالم الشخوت.

  9. صباح سعود سالم الشخوت.

  10. عويضة سالم سليم الشخوت .

وكيلاهم جميعاً المحاميان أحمد المشاقبة وسامر أبو العينين.


 

التمييز الثاني :

المميزون :

1. رافع سعود سالم سليم الشخوت.

2. نافع سعود سالم سليم الشخوت.

3. فالح سعود سالم سليم الشخوت.

4. سليم سعود سالم الشخوت.

5. مد الله سعود سالم الشخوت.

6. ترفة سعود سالم الشخوت.

7. فلحة سعود سالم الشخوت.

8. فليحة سعود سالم الشخوت.

9. صباح سعود سالم الشخوت.

10. عويضة سالم سليم الشخوت .

وكيلهم المحامي سامر أبو العينين .


 


 


 


 

المميز ضدها :

الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض.

وكيلها المحامي حاتم الشريدة.


 

قدم في هذه الدعوى تمييزان الأول بتاريخ 11/11/2019 ومقدم من الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض والثاني بتاريخ 20/11/2019 ومقدم من رافع سعود سالم سليم الشخوت وآخرين وذلك للطعن في القرار الصادر عن محكمة استئناف عمان في الدعوى رقم ( 493/2019) تاريخ 22/10/2019 القاضي بعد اتباع النقض بموجب قرار محكمة التمييز رقـــــــــــــــــم ( 4197/2018) تاريخ 13/11/2018 بقبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف (الصادر عن محكمة بداية حقوق الزرقاء في الدعوى رقم ( 148/2012) تاريخ 29/10/2014 ) والحكم بإلزام المدعى عليها( المستأنف عليها ) بدفع مبلغ ( 32247) ديناراً للمدعين كل حسب حصصه في سند التسجيل وتضمين المستأنف عليها الرسوم والمصاريف ومبلغ ( 750) ديناراً بدل أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

وتتلخص أسباب التمييز الأول بما يلي :

  1. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تتبع النقض فعلياً ولم ترد على الأسباب التي نقض الحكم السابق لأجلها من قبل الهيئة العامة لمحكمة التمييز حيث إن محكمة الاستئناف قد اعتمدت تقرير الخبرة وأخذت بما جاء في التقرير من معلومات على لسان الخبراء .

  2. خالفت محكمة الاستئناف اجتهادات محكمة التمييز في العديد من قراراتها ومنها قرار الهيئة العامة رقم ( 554/2017) .

  3. أخطأت محكمة الاستئناف بتطبيق أحكام القانون وجاء قرارها غير معلل بشكل قانوني سليم .

  4. أخطأت محكمة الاستئناف حيث لم تأخذ بأقوال الخبراء بأن هناك مصادر للغبار غير المصنع وهي المحاجر والكسارات الموجودة بالقرب من المصنع وبالتالي لم تكلف الخبراء بما تتحمله هذه الكسارات والمحاجر من نسبة في الضرر .

  5. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تلتفت إلى أسباب نقض القرار الأول ولم تأخذ بما جاء في قرار محكمة التمييز رقم ( 3793/2017 ) .

  6. أخطأت محكمة الاستئناف في وزن البينة واعتمدت على تقرير مليء بالتناقضات.

  7. أخطأت محكمة الاستئناف عندما قررت فسخ الحكم الصادر عن محكمة البداية الذي جاء موافقاً للقانون ومعللاً بشكل قانوني .

  8. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تزن البينة بشكل قانوني صحيح وأصولي لجهة تقدير الخبراء لأسعار الأراضي في المنطقة التي تقع فيها الأرض موضوع الدعوى .

  9. أخطأت محكمة الاستئناف عندما لم تأخذ بعين الاعتبار أن المميزة من الشركات التي ترفد الاقتصاد القومي للدولة الأردنية وتقوم بتشغيل آلاف من الموظفين والعمال.

  10. أخطأت محكمة الاستئناف إذ جاء قرارهــــــــــــا مبنياً على أضرار مفترضـــــــة أو أضرار احتمالية غير موجودة .

10- (مكرر ) أخطأت محكمة الاستئناف عندما بنت الحكـــــــــــــــم على أن مجرد وجود المصنع يتسبب بالضرر وهذا مخالف لكل القواعد القانونية .


 

لــــــــــــــــــــــــــــــــــــهذه الأسباب طلب وكيل المميزة قبول التمييز شكــــــــــــــــلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

وتتلخص أسباب التمييز الثاني بما يلي :

  1. أخطأت المحكمة باعتماد تقرير الخبرة ولم تراعِ الفرق الشاسع بين نتيجة التقرير وما قبلها من خبرات .

  2. أخطأت المحكمة حين اعتمدت تقرير الخبرة كون الخبير خالد الشناق قد اعتمد على أوراق من خارج ملف الدعوى ولا أصل لها .

  3. أخطأت المحكمة حين اعتمدت تقرير الخبرة الذي لم يراعِ فيه الخبراء أن هناك كسارات عائدة للمصنع بل استندوا إلى أن الكسارات متوقفة عن العمل .

  4. أخطأت المحكمة حين اعتمدت تقرير الخبرة الذي خالف فيــــــــــه الخبراء القرارين الصادرين عن محكمة التمييز رقمي ( 4197/2018 و 3793/2017) .

 

لــــــــــــــــهذه الأسباب طلب وكيل المميزين قبول التمييز شكــــــــــــــــلاً ونقض القرار المميز موضوعاً.

 

الـــقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرار

=======================

بالتدقيــق والمداولــة نجد أنه وبتاريخ 19/3/2012 أقام المدعون:

  1. رافع سعود سالم سليم الشخوت.

  2. نافع سعود سالم سليم الشخوت.

  3. فالح سعود سالم سليم الشخوت.

  4. سليم سعود سالم الشخوت.

  5. مد الله سعود سالم الشخوت.

  6. ترفة سعود سالم الشخوت.

  7. فلحة سعود سالم الشخوت.

  8. فليحة سعود سالم الشخوت.

  9. صباح سعود سالم الشخوت.

  10. عويضة سالم سليم الشخوت.

لدى محكمة بداية حقوق الزرقاء الدعوى رقم ( 148/2012 ) بمواجهة المدعى عليها الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض

بموضوع: المطالبة بالتعويض عن بدل الضرر المادي والمعنوي ونقصان القيمة وفوات المنفعة لقطعة الأرض المملوكة للمدعين مقدرة لغايات الرسوم بمبلغ (7100) دينار أردني.

على سند من القــول:

إن المدعين يملكون على الشيوع قطعة الأرض رقم 10 حوض 9 النواصف الشرقي من أراضي مزرعة قصر الحلابات والبالغة مساحتها ثمانين دونماً وستمئة وتسعة عشر متراً وأن المدعى عليها تملك مصنعاً لإنتاج الإسمنت الأبيض يبعد 300 متر عن أرض المدعين نتيجة لتشغيل المدعى عليها للمصنع فإنه يتطاير منه غازات وأدخنة كثيفة ومواد وأغبرة كيماوية إلى قطعة الأرض موضوع الدعوى مما أدى إلى نقصان قيمة الأرض السوقية مما حرم المدعين من الانتفاع بها، مما دفع المدعين لإقامة هذه الدعوى.

بعد استكمال إجراءات التقاضي أصدرت محكمة الدرجة الأولى قرارها وجاهياً
بتاريخ 29/10/2014 المتضمن رد دعوى المدعين وتضمينهم الرسوم والمصاريف ومبلغ 500 دينار أتعاب محاماة.

لم يرتضِ المدعون بهذا القرار فطعنوا فيه استئنافاً.

وقد أصدرت محكمة استئناف عمان قرارها رقم 3816/2015 تاريخ 18/4/2017 وجاهياً المتضمن فسخ القرار المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليها
( المستأنف عليها ) بدفع مبلغ 108835 ديناراً و650 فلساً للمدعين كل حسب حصته المبينة في تقرير الخبرة والرسوم والمصاريف ومبلغ 750 ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام.

لم ترتضِ المدعى عليها بهذا القرار فطعنت فيه تمييزاً بموجب لائحة تمييز مقدمة بتاريخ 2/5/2017 وإن الهيئة العادية في محكمة التمييز أصدرت بتاريخ 5/11/2017 الحكم رقم ( 3793/2017) والذي جاء فيه :

(( ورداً على أسباب التمييز:

وعن جميع الأسباب ومفادها تخطئة محكمة الاستئناف بتطبيق أحكام القانون واعتمادها في قرارها على تقرير الخبرة وفي وزن البينة والقرار المستأنف موافق للقانون وبالاعتماد على بينة غير قانونية وأن المميزة شركة ترفد الاقتصاد القومي بتشغيل آلاف العاملين ومفترضة احتمالية الضرر وهو غير موجود.

في ذلك نجد أن المميز ضدهم (المدعين) أقاموا هذه الدعوى للمطالبة بالتعويض عن العطل والضرر ونقصان القيمة، ذلك أن المميزة كانت تملك مصنعاً لتصنيع الإسمنت الأبيض وقريب من قطعة الأرض العائدة للمدعين.

وحيث نجد أن المدعى عليها تقدمت بحافظة بينات تتضمن بينات خطية من ضمنها تقرير اللجنة الخاصة لدراسة الشكوى المقدمة من بلدية الحلابات حيث تشكلت لجنة كما هو مبين في المسلسل رقم (1) جاء بالتقرير أنه لا يوجد أي تأثيرات سلبية ناتجة عن عمليات التفجير ومعالجة مادة Buybus من حيث خلطها وطمرها بالأتربة مما يمنع تطاير هذه المادة إلى أرض الموقع ولم تشاهد اللجنة أي أدخنة وأغبرة تؤثر سلباً على البيئة والتزام المصنع بالتوصيات وإن الشركة حاصلة على حق التعدين من سلطة المصادر الطبيعية ويتم الكشف على الشركة من قبلها.

كما تبين من خلال الكتاب وجود عدد كبير من المقالع والكسارات المجاورة للمصنع والشكوى المقدمة من المدعى عليها بشأن تلك المقالع وما ينجم عن التفجيرات وما ينتج عنها من آثار كما هو ثابت في البينات المقدمة.

كما أن الجمعية العلمية الملكية قامت بإجراء الفحوص وقياس انبعاث الغازات من المداخن حسب الأصول.

كما نجد أن المدعى عليها التزمت بتوصيات وزارة البيئة من حيث رصف الطرق الترابية المؤدية إلى المحجر وصيانة الفلاتر الكهربائية، من خلال التقارير والبينات فإن المصنع لا ينتج عنه أي ملوثات.

كما نجد أن محكمة الاستئناف قررت إجراء خبرتين ومن خلال استعراض تقرير الخبرة المعتمد منها والتي استندت إليه في حكمها أنّ قطعة الأرض مساحتها 80619م2 قريبة من الخدمات ومن المناطق السكنية تبعد قطعة الأرض عن المصنع بـ 250م وتبعد عن المناطق السكنية بـ 1000م وتقع الأرض إلى الغرب من مصنع الإسمنت الأبيض تربتها شبه صفراء والأرض خالية من المزروعات والإنشاءات والأبنية، وأن هناك غبار يؤثر على المزروعات والأبنية في حال وجودها وإن الخبراء توصلوا بخبرتهم إلى حصول الضرر كون الأرض قريبة من المصنع وأن الضرر مفترض.

 

وحيث إن إثبات الضرر لا يتم إلا في البينات التي تفيد بوقوع الضرر ذلك أن الأضرار المادية ليست مفترضة إذ لا بد لمن يدعي وقوع الضرر عليه ويطالب بالتعويض أن يقدم البينة القانونية على وجود ذلك الضرر ذلك أن الاجتهاد القضائي يوجب على المدعي تقديم البينة لإثبات الضرر المادي الذي لحق به وبالرجوع إلى البينات المقدمة لم يرد بها ما يثبت وقوع الضرر على المدعين ولم يقدموا ما يفيد حصول الضرر حيث إن المدعين لم يقدموا البينة القانونية بصورة يقينية مقنعة لإثبات وجود الضرر ويكون ذلك في البينات القانونية والخبرة الفنية من ذوي الكفاءات العلمية لتحديد وجود انبعاث الغبار ونسبة ذلك إن وجدت كما إن الخبراء لم يأخذوا أي عينات حسية أو مخبرية لإثبات وجود الضرر في حين أن بينات المدعى عليه أثبتت التزام المصنع من خلال التصنيع باستمرارية تنظيف الفلاتر الكهربائية مع ملاحظة أن المصنع محاط بالكسارات والمحاجر كما هو ثابت في البينات المقدمة وعددها (5) كسارات فإن المصنع يقدم الشكاوى ضد تلك الكسارات بسبب التفجيرات والأغبرة الناتجة عن أعمالها وإن الخبراء لم يتطرقوا لتلك الكسارات والمحاجر.

ونجد أن المدعين لم يقدموا أي بينة تفيد استغلال قطعة الأرض من حيث زراعة تلك الأرض أو وجود أي مزروعات وأنها تضررت، أو أنها تضررت نتيجة لعدم قيامهم بأية أعمال زراعية أو استثمار للأرض.

وحيث إن هذه الدعوى ذات طبيعة خاصة ولها وسائل إثبات خاصة بها كما هو ثابت في البينات المقدمة ضمن بينات المدعى عليها وما جاء في متن القرار (انظر تمييز حقوق 554/2017 تاريخ 6/3/2017).

وحيث إن المدعين لم يقدموا أية بينة لإثبات الضرر الفعلي الواقع على قطعة الأرض موضوع الدعوى وحيث إن ما توصلت إليه محكمة الاستئناف بخلاف ما توصلت إليها محكمتنا فإن القرار واقع في غير محله وأن هذه الأسباب ترد على الحكم المطعون فيه مما يستوجب نقضه.

لهذا نقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني )) .

 

أعيدت الدعوى منقوضة إلى محكمة الاستئناف وسجلت تحت الرقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
( 54280/2017 ) وبعد الاستماع لأقوال كل من فريقي الدعوى أصدرت قرارها بتاريخ 13/2/2018 وجاهياً المتضمن الإصرار على قرارها السابق المتضمن قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف وإلزام المدعى عليها بدفع مبلــــــــــــــــــــــــــــــــــغ
( 108835) ديناراً و ( 650 ) فلساً للمدعين كل حسب حصته المبينة في تقرير الخبرة وتضمين المستأنف عليها الرسوم والمصاريف ومبلغ ( 750) ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام .

 

لم ترتضِ المدعى عليها بالقرار الاستئنافي المشار إليه فطعنت فيه تمييزاً بتاريخ 1/3/2018 وإن الهيئة العامة في محكمة التمييز أصدرت بتاريخ 13/11/2018 الحكم رقم ( 4197/2018) والذي جاء فيه :

(( ورداً على أسباب الطعن التمييزي :

وعن الأسباب الأول والثاني والرابع ومفادها تخطئة محكمة الاستئناف في القرار المميز عندما لم تتبع النقض ولم ترد على الأسباب التي نقض الحكم السابق من أجلها وعندما أصرت على قرارها المميز ولا يقبل منها عند الإصرار على قرارها الاكتفاء بالإحالة إلى القرار السابق .

 

في ذلك نجد أن محكمة الاستئناف قد استعملت خيارها المنصوص عليه في المادة ( 202) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي أجازت في حالة نقض حكمها المطعون فيه من قبل محكمة التمييز الهيئة العادية إما اتباع النقض والسير على هدي ما جاء فيه أو الإصرار على قرارها السابق للعلل والأسباب الواردة فيه وهي ليست ملزمة ببيان علل وأسباب إصرارها على حكمها المنقوض فتكون قد مارست خيارها القانوني مما يتعين معه رد هذه الأسباب .

 

وعن باقي الأسباب التي مؤداها واحد وهو تخطئة محكمة الاستئناف بالنتيجة التي توصلت إليها وفي تطبيق القانون وبالاستناد إلى تقرير الخبرة وعدم مناقشة باقي البينة ولم يؤكد الخبراء وجود الضرر إنما اعتباره مفترضاً ولم يستعمل الخبراء الوسيلة العلمية من أجل إثبات وجود الغبار المزعوم .

 

وكانت الهيئة العادية في محكمتنا قد توصلت إلى نقض قرار محكمة استئناف عمان الصادر بالدعوى رقم ( 3816/2015) تاريخ 18/4/2017 على سند من القـــــــــول
إن محكمة الاستئناف أخطأت بوزن البينة في حين أن محكمة الاستئناف في قرارها محل الطعن قد توصلت خلاف ما توصلت إليه الهيئة العادية أي أن جوهر الخلاف ما بين محكمة التمييز بهيئتها العادية ومحكمة الاستئناف هو حول وزن البينـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة واستخلاص الوقائع.

 

ومحكمتنا بهيئتها العامة تجد أن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن قبول البينة أو رفضها وترجيح بينة على أخرى من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من صلاحية دون رقابة عليها من محكمة التمييز ما لم يكن هناك مخالفةً للأصول أو تكون الوقائع المستخلصة غير سليمة وليس لها ما يؤيدها قانوناً من البينات المقدمة في الدعوى .

 

ومن الرجوع إلى قرار محكمة الاستئناف نجد أن البينة الرئيسية التي اعتمدتها المحكمة للوصول إلى حكمها محل الطعن هو تقرير الخبرة .

 

ومن الرجوع إلى تقرير الخبرة الذي اعتمدته محكمة الاستئناف الذي قامت به للمرة الثانية بمعرفة خمسة خبراء يتبين أن الخبراء قاموا بوصف قطعة الأرض وعند تحديد الضرر على الصفحة الثانية من التقرير ( صفحة 40 ) أوردوا ما يلي :
( .... من الكشف على الواقع .... لاحظنا تطاير دخان وغبار تخرج من مصنع الإسمنت وكون قطعة الأرض قريبة وتقع موازية للمصنع ..... فإن قسماً من الغبار المنبعثة من المصنع تسقط وتترسب على أرض العقار موضوع الدعوى ...... ) .

 

وعلى الصفحة الثالثة من التقرير ( صفحة 41) حيث ذكر الخبراء ( .... قمنا بالاطلاع على برنامج الجوجل صورة جوية ... فقد شاهدنا الأرض المحيطة بالمصنع قد اكتست باللون الأبيض ....) .

 

ومحكمتنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا يتبين لها أن تقرير الخبرة جاء بمعلومات عامة بأنهم لاحظوا وجود غبار دون أن يبينوا كمية الغبار ونوعها وهل هي غبار إسمنتي فعلاً أم من غبار الطبيعة الأمر الذي يجعل من هذا التقرير مشوباً بالغموض ولا يصلح بينة لاعتماده هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الخبراء اعتمدوا على أن الغبار على الأرض المحيطة بالمصنع وليست الأرض موضوع الدعوى بالاستناد إلى صور جوجل وليست مشاهدتهم الشخصية الأمر الذي يتعين على محكمة الاستئناف إجراء خبرة جديدة بمعرفة خبراء أكثر دراية وأن تقوم بمراعاة ومناقشة باقي بينات المدعى عليها مناقشة وافية ومن ضمنها البينات الخطية المقدمة فيها ، ومنها تقرير اللجنة الخاصة لدراسة الشكوى المقدمة من بلدية الحلابات وما نتج عنها وما جاء بالتقرير وهل المصنع يقوم بإجراءات السلامة العامة وهل يتم الكشف على المصنع من قبل سلطة المصادر الطبيعية كما أن على الخبراء بيان فيما إذا كان هناك محاجر ومقالع أخرى في المنطقة يصدر عنها أغبرة وتفجيرات ومناقشة هذه البينات مناقشة وافية وأن تقوم محكمة الاستئناف بتسليم الخبراء كافة البينات المقدمة من طرفي الدعوى كاملة وذلك عند الكشف وإعداد تقرير الخبرة ومن ضمنهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا الدراسات التي تمت من قبل الجمعية العلمية الملكية حول انبعاث الغازات من المداخن ومدى التزام المصنع بذلك وأن يقوم الخبراء بوصف قطعة الأرض موضوع الدعوى وصفاً شاملاً وهل هي مستغلة بالزراعة أم خالية من المزروعات ومراعاة أسعار الأراضي في تلك المنطقة وسعر الأساس وكل مسألة تؤثر على التقدير .

 

لكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل ذلك فإن على محكمة الاستئناف مراعاة ذلك كله ومناقشتها لباقي بينات المدعى عليها مناقشة وافية وسليمة مما يجعل قرارهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا بالإصرار في غير محله لورود أسباب الطعن عليه .

 

لهذا وتأسيساً على ما تقدم نقرر نقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق إلى مصدرها للامتثال لقرار النقض وإجراء المقتضى القانوني )) .

 

وبعد النقض والإعادة واتباع النقض أصدرت محكمة الاستئناف قرارها رقم
( 493/2019) وجاهياً بتاريخ 22/10/2019 المتضمن :

قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف والحكم بإلزام المدعى عليها
( المستأنف عليها ) بدفع مبلغ ( 32247) ديناراً للمدعين كل حسب حصته في سند التسجيل وتضمين المستأنف عليها الرسوم والمصاريف ومبلغ ( 750 ) ديناراً أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي والفائدة القانونية .

 

لم يلقَ هذا القرار قبولاً من طرفي الدعوى فطعنت فيه المستأنف عليها بتاريخ 11/11/2019 كما قدم طعن من المستأنفين بتاريخ 20/11/2019 وللأسباب الواردة بلائحتي الطعن .

 

ورداً على أسباب الطعن المقدم من المدعى عليها ( المستأنف عليها ) الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض كافة التي تنصب على تخطئة محكمة الاستئناف في القرار المميز عندما لم تتبع النقض فعلياً وعندما لم تراعِ ما توصل إليه الخبراء على الصفحات من ( 2-4) من بيانات ومعلومات وأخذت بالنتيجة التي توصل إليها الخبير ولعدم مراعاة أن هناك مصادر للغبار غير المصنع ولم تكلف الخبراء بما تتحمله المحاجر والكسارات من نسبة الضرر إذا كان هناك ضرر وكذلك عدم مراعاة أن المصنع متوقف ولا يوجد غبار إلا داخل المصنع ولعدم وزن البينة وإن المميزة شركة ترفد الاقتصاد القومي بتشغيل آلاف العمال وإن الأضرار هي من قبيل الأضرار المحتملة وهي غير موجودة .

وفي ذلك نجد أن محكمة الاستئناف وعندما قررت اعتماد تقرير الخبرة لم تراعِ المثالب التي شابت التقرير وهي :

ذكر الخبراء ضمن محضر الكشف بأن: (القطعة خالية من الأبنية والإنشاءات والمزروعات) وكذلك ذكروا على الصفحة الثانية من تقريرهم في البند المتعلق بالوصف العام لقطعة الأرض موضوع الدعوى بأن: (.. قطعة الأرض موضوع الدعوى خالية من الأبنية والأشجار) ؛ بيد أنهم ناقضوا ذلك حينما ذكروا ، وعلى الصفحة الخامسة من تقريرهم وعلى لسان الخبير المهندس الزراعي ماهر الصمادي بأن هناك غبار خفيف على المزروعات الحقلية (القمح والشعير) .

 

ذكر الخبراء على الصفحة الخامسة من تقرير الخبرة بأنه : " قد شوهد على سطح أرض المدعي وجود آثار لغبار إسمنتي خفيف وكذلك وجود مصدر آخر غير المصنع ينتج عنه غبار وهو وجود محاجر وكسارات قريبة من أرض المدعي في الجهة الجنوبية الغربية".... وكذلك ذكر الخبير ماهر الصمادي في ذات التقرير وعلى ذات الصفحة بأنه ".. تبين لي وجود غبار خفيف على المزروعات الحقلية (القمح والشعير) وعلى سطح أرض القطعة ،حيث يوجد أكثر من مؤثر على القطعة موضوع الدعوى منها المقالع والكسارات الموجودة في الاتجاه الجنوبي الغربي من قطعة الأرض .." إلا أنهم لم يصفوا واقع الحال من حيث عدد الكسارات والمسافة بينها وبين أرض المدعي وطبيعة الغبار المنبعث منها ونسبته، ومدى تأثيره على أرض المدعي، كما شاب الغموض بماهية المقصود بــ( آثار الغبار) التي ذكروها.

لم تراعِ المحكمة ما ورد في تقرير الخبرة وعلى الصفحات من ( 2-4) حيث ذكر التقرير أن العديد من المرافق متوقف عن العمل إما كلياً أو جزئياً .

لم يبين الخبراء ماهية الغبار المنبعث وأماكن وجوده ولم يأخذوا عينات منه لفحصها وتحديد مصدره وفيما إذا كان غبار إسمنتي أم غبار طبيعي وفيما إذا كان حديثاً أم قديماً وفيما إذا كان يشكل ضرراً حقيقياً أم لا وتحديد نسبة الضرر، وذلك وفقاً للمهمة المقررة من قبل المحكمة في جلسة 5/2/2019.

استند الخبراء في تقريرهم – كما هو ثابت على الصفحة(4) منه- على كتاب مدير عام مصنع المميزة(تاريخ 13/6/2018) وجداول إنتاج ومراقبة في حين لم يرد لهم أي ذكر ضمن بينات طرفي الدعوى أو بواسطة المحكمة ، كما لم يقم الخبراء بإرفاق صور عنها مع تقريرهم وبيان موافقة المحكمة على حصولهم عليها، ومكان حصولهم عليها وفق ما تقتضيه المادة (85/د/1) أصول مدنية فضلاً عن أنه قد ورد في متن محضر الكشف وفي الدور المخصص للخبراء بأنهم قد تسلموا جدول إنتاج توقف عمل الفرن المنتج لمادة الكلنكر وذلك لغايات تحديد تاريخ توقف عمل الفرن المنتج لمادة الكلنكر إلا أنه لم يوضح في محضر الكشف اسم الجهة التي تقدمت به وسلمته للخبراء كما لم يراعَ في تسليمها للخبراء الأصول القانونية التي تمكنهم من الاستناد إليها في تقريرهم .

ومن جهة أخرى فقد خالفت محكمة الاستئناف نص المادة ( 84/7 ) أصول المحاكمات المدنية وقرار النقض ؛ إذ كلفتها محكمة التمييز وعلى الصفحة رقم(11) من قرارها بتسليم الخبراء لكافة البينات المقدمة من طرفي الدعوى كاملة وذلك عند الكشف وإعداد تقرير الخبرة ومن ضمنها الدراسات التي تمت من قبل الجمعية العلمية الملكية حول انبعاث الغازات من المداخن ومدى التزام المصنع بذلك إلا أن محكمة الاستئناف اكتفت ضمن محضر الكشف بالإشارة إلى تسلم الخبراء لمبرزات الدعوى دون ذكر لها والتي بعدم ذكرها لن يمكن محكمة التمييز من بسط رقابتها على مدى امتثال محكمة الاستئناف لما كلفتها به من تزويد الخبراء بدراسات الجمعية العلمية الملكية ، كما أن الخبراء قد أوردوا ضمن تقريرهم العبارة التالية: "وبعد أن تسلمنا المبرزات(سند التسجيل ومخطط الأراضي ومخطط الموقــــــــــع التنظيمي، ووثائق القضية)"؛في حين لم يعددوا ماهية الوثائق المسلمة إليهم ، ولم يرفقوها مع تقرير الخبرة كما هو ثابت في محضر توريد تقرير الخبرة بتاريخ (9/7/2019) مخالفين بذلك نص المادة (85/ هــ) أصول مدنية ،كما كلفت محكمة الاستئناف الخبراء ضمن المهمة الموكلة إليهم بالأخذ بعين الاعتبار ما جاء في الكشفين المستعجلين رقمي (168/2014 و176/2012) في حين خلا ملف الدعوى منهما في كافة مراحلها.

وعليه فإن اعتماد تقرير الخبرة والحالة هذه يكون مخالفاً للقانون وأسباب الطعن ترد عليه مما يتوجب نقضه.

 

وتأسيساً على ما تقدم ودون حاجة للرد على الطعن المقدم من المميزين
( المدعين ) في هذه المرحلة نقرر نقض القرار وإعادة الأوراق إلى مصدرها لإجراء المقتضى القانوني .

 

قراراً صـدر بتاريخ 28 ذي القعدة سنــــــة 1441هـ الموافق 20/7/2020 م.

------------------------------------------------

عضــــــو عضــــــو القاضي المترئس

 

 

 

عضــــــو عضــــــو عضــــــو

 

عضــــــو عضــــــو عضــــــو

 

رئيـس الديـوان

 

 

دقــــق ب . ع

ب.ع h19-8540